الارتداد فى الكتاب المقدس

www-St-Takla-org___Jehovahs-Witnesses-poster-01-1.jpg

الأرتداد في الكتاب المقدس
“في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحاً مضلة وتعليم شياطين” (1تى1:4)

مِنْ هذَا الْوَقْتِ رَجَعَ كَثِيرُونَ مِنْ تَلاَمِيذِهِ إِلَى الْوَرَاءِ، وَلَمْ يَعُودُوا يَمْشُونَ مَعَهُ
يوحنا66:6
4وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ، الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ، نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ، أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ، اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ، ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ.
اشعياء4:1
ما هو الارتداد هو الرجوع الى الوراء

ستة أنواع للارتداد في اية واحدة

(مز57:78).

بل ارتدوا وغدروا مثل آبائهم. انحرفوا كقوس مخطئة

النوع الأول: أخطر أنواع الارتداد وهو ارتكاب الخطية التي لا تغتفر ودلل على ذلك بما كتب في (عب6) (مر3: 28). واقتبس جريستنر من أقوال يوناثان ادورداز العبارة الآتية: “الارتداد في كماله هو الخطية التي لا تغتفر. وكل ارتداد هو اقتراب منها”.

النوع الثاني: البعض يرتـدون عن الدين ويصبحـون ملحدين كفرة لا يؤمنون بوجود الله، أو يصبحون عالميين.

النوع الثالث: وآخرون يسقطون في هرطقات وتعاليـم باطلة رغم أنهم لا يفصلون أنفسهم عن الكنيسة.

النوع الرابع: يشمل أولئك الذين يسقطون في ممارسات شريرة.

النوع الخامس: هم الخطاة الذين استيقظوا مرة ثم عـادوا فسقطوا في نوم روحي أدى إلى الموت مثل امرأة لوط وبنى إسرائيل في البرية (مز36:78).

النوع السادس: يشمل ارتـداد أولئك الذين كانت لهم أشواق ملتهبة وكان لهم مظهـر التقـوى (مز12:106) فأولئك هم أصحـاب القلـوب الحجرية (مت13) الذين قبلوا الكلمة بفرح ولكنهم ارتدوا عند التجربة. ويذكر يهوذا (عدد4) آخرون من هذا النوع. أما أوضح مثل لذلك فهم الفريسون. وشاول الملك يمثل صورة ارتداد الأفراد دائما يحـذر شعبه من خطر خطية الارتداد
أولاً: تعريف المؤمن

قد يظن البعض أن كل المسيحيين مؤمنون. فهذا خطأ شائع، والواقع أن المسيحيين ينقسمون إلى ثلاثة أنواع:
مسيحيون إسميون.
ومسيحيون متدينون.
ومسيحيون مؤمنون.

( 1 ) المسيحيون الإسميون :
نستطيع أن نسميهم المسيحيين بالوراثة: وهم أولئك الذين ولدوا من أبوين مسيحيين وأطلق عليهم أسماء مسيحية، وأحياناً يتهربون منها فيختارون أسماء مشتركة تبعد عنهم شبهة المسيحية!! وكل ما يربطهم بالمسيحية وجود كلمة (مسيحي) في خانة الديانة بشهادة الميلاد أو البطاقة الشخصية … أما حياتهم وسلوكهم فلا تمت للمسيحية بصلة. فهم لا يعرفون باب الكنيسة اللهم إلا في المناسبات عندما يحضرون إكليلاً أو جنازة أو ليالي الأعياد.
وهم لا يقرءون الكتاب، ولا يرفعون الصلوات … أفنقول عن هؤلاء أنهم مؤمنون ؟! كلا. بل هم مسيحيون إسميون بالوراثة. مثل هؤلاء قيل عنهم “لك اسم أنك حي وأنت ميت” (رؤ3: 1). والنوع الثاني من المسيحيين هم:

(2) المسيحيون المتدينون:
ويمكن أن نسميهم المسيحيين المظهريين وهؤلاء يكتفون بممارسة شكلية العبادة دون فاعلية الإيمان في حياتهم. وهم يمتازون عن الفئة السابقة بأنهم يواظبون على الذهاب إلي الكنيسة، ويصلون ويصومون ويتصدقون ويسمعون الكلمة ولكنهم لا يفهمونها. وقد شبه السيد المسيح هذه الفئة في مثل الزارع بالطريق إذ قال: “كل من يسمع كلمة الملكوت ولا يفهم فيأتي الشرير ويخطف ما قد زرع في قلبه. هذا هو المزروع علي الطريق.” (مت13: 19).

وفي إنجيل معلمنا مرقس البشير نقرأ ذلك في أسلوب آخر فيقول: “وهؤلاء هم الذين علي الطريق. حيث تزرع الكلمة وحينما يسمعون يأتي الشيطان للوقت وينزع الكلمة المزروعة في قلوبهم.” (مر4: 15).

ومعلمنا لوقا البشير يصيغها في أسلوب آخر فيقول: “الذين على الطريق هم الذين يسمعون ثم يأتي إبليس وينزع الكلمة من قلوبهم لئلا يؤمنوا فيخلصوا.” (لو12:8).

وبمقارنة هذه الأقوال التي ذكرها البشيرون الثلاثة نستخلص صفات هؤلاء المسيحيين الاسميين المظهريين، فنجد أنهم:-
يسمعون الكلمة
ولا يفهمونها
ينزعها إبليس منهم
فلا يؤمنون
ولا يخلصون
فهل نستطيع أن نطلق عليهم أنهم مؤمنون؟ والسيد نفسه يقول “لئلا يؤمنوا فيخلصوا” (لو12:8).

وبالرغم من أنهم غير مؤمنين نراهم يتبعون المسيح ويسمعون الكلمة، لهذا فيمكن تسميتهم مسيحيين متدينين وليسوا مؤمنين.

وبكل حسرة أقول أن هناك نسبة كبيرة من شعبنا يتبعون هذا النوع إذ نجد الكنائس مزدحمة بالناس في أيام الآحاد والأعياد والمناسبات، ولكنهم مظهريون، وليس للإيمان نصيب في قلوبهم، يسمعون كلمة الوعظ ولكنهم لا يحاولون فهمها أو تطبيقها في حياتهم، بل يخرجون من الكنيسة تماماً كما دخلوا. مكتفين بتخدير ضمائرهم أنهم حضروا الكنيسة!! وانطبق عليهم قول الرسول “لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها” (2تى5:3).

هذا عن المسيحيين الاسميين والمسيحيين المتدينين، بقى أن نتكلم عن الفئة الثالثة من المسيحيين وهم:

(3) المسيحيون المؤمنون:
وهؤلاء أيضا ينقسمون إلى فئات ثلاث فنرى من بينهم:-
المؤمن العقلي.
والمؤمن العاطفي.
والمؤمن القلبي الروحاني.

( أ ) المؤمن العقلي:-
وهو المشار إليه في مثل الزارع بالأرض المحجرة، التي تشير إلى تربة القلب الحجرية، فالسيد يقول: “المزروع على الأماكن المحجرة هو الذي يسمع الكلمة وحالا يقبلها بفرح، ولكن ليس له أصل في ذاته بل هو إلى حين. فإذا حدث ضيق أو اضطهاد من أجل الكلمة فحالا يعثر” (مت20:13،21).

ومعلمنا لوقا البشير يصيغها في أسلوب آخر فيقول: “الذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح. وهؤلاء ليس لهم أصل فيؤمنون إلى حين، وفي وقت التجربة يرتدون.” (لو13:8). وبمقارنة أقوال البشيرين نستطيع أن نستخلص صفات هذا النوع من المؤمنين:-
يسمعون الكلمة
يقبلونها بفرح
يؤمنون إلى حين
يرتدون

ولعلك تلاحظ يا أخي أنهم يؤمنون إلى حين ثم يرتدون ارتداداً دائما لأن قلوبهم حجرية لم تتأثر بالكلمة وإنما كان قبولهم للكلمة قبولا عقلياً، وإذ صادفتهم التجارب ينسون ما سمعوه ويرتدون إلى حالتهم الأولى.

هؤلاء نستطيع أن نسميهم مؤمنين لأن المسيح قال عنهم “يؤمنون إلى حين” لأنه في هذا الحين الذي كانوا فيه مؤمنين لا نستطيع أن نميز إن كان إيمانهم دائما أم هو إلى حين! إذ هو مصحوب بالفرح. ولكن الله الذي يفحص القلوب يعرف انهم أمام التجربة سيرتدون.

كم من أناس عندما نكلمهم عن المسيح يقبلون الكلام بفرح ويؤمنون فعلا بذلك، ولكننا نحزن كثيراً عندما نراهم قد ارتدوا إلى ما كانوا عليه أولاً، انهم المؤمنون العقليون الذين ما زالت قلوبهم متحجرة، فما لم يسلموا حياتهم للرب لينزع قلوبهم الحجرية ويعطيهم قلب لحم (حز19:11) لا يمكن أن يخلصوا.

( ب ) المؤمن العاطفي :
وهو المشبه في مثل الزارع بالأرض المليئة بالأشواك. فقد قال السيد المسيح “هؤلاء هم الذين زرعوا بين الشوك. هؤلاء هم الذين يسمعون الكلمة وهموم هذا العالم وغرور الغنى وشهوات سائر الأشياء تدخل وتخنق الكلمة فتصير بلا ثمر” (مر19:4).

ولوقا البشير يقول عنهم “يسمعون ثم يذهبون فيختنقون من هموم الحياة وغناها ولذاتها ولا ينضجون ثمراً” (لو14:8).

من هذا نستطيع أيضا أن نستخلص صفات هذا المؤمن العاطفي.
يسمع الكلمة.
يخنق الكلمة بالهموم والغرور.
والشهوات واللذات.
فلا يثمر.

هذا النوع من المؤمنين هم عاطفيون فعندما يسمعون الكلمة يتأثرون بها ويؤمنون ثم عندما يذهبون (لو14:8) أي يبتعدون عن المجال الروحي تتغير عواطفهم فيتأثرون بالهموم والغنى ويسمحون للشهوات والملذات أن تدخل في حياتهم (مر19:4) وعندئذ تموت الكلمة ولا يأتون بثمر (لو14:8) والكتاب المقدس يقول “كل شجرة لا تصنع ثمراً جيداً تقطع وتلقى في النار” (مت10:3) ورب المجد نفسه قال “كل غصن في لا يأتي بثمر ينزعه.” (يو2:15).
ولماذا ندرج هذا النوع إذن ضمن المؤمنين؟!

إننا ندرجه ضمن المؤمنين لأنهم يؤمنون إلى حين (لو13:8) وفي هذا الحين يتراءون لنا كأنهم مؤمنون تماما إذ يسمعون الكلمة ويقبلونها … فكثيرا ما يصادفنا في خدمتنا هذا النوع المتقلب العواطف … فعندما يقبلون الكلمة نفرح بهم ونحسبهم في عداد المؤمنين، أما الله كاشف السرائر الذي كل شئ مكشوف وعريان أمامه يعلم نهايتهم أنهم سوف يختنقون (لو14:8) ولا يرجى لهذا النوع خلاصاً إن لم يركزوا عواطفهم في المسيح يسوع.

( ج ) المؤمن القلبي الروحاني :
هذا المؤمن الروحاني الذي قبل الرب في حياته فادياً ومخلصاً وملكاً. وقد شبهه السيد في مثل الزارع بالأرض الجيدة فبحسب رواية معلمنا متى البشير نقرأ عنه : “المزروع على الأرض الجيدة فهو الذي يسمع الكلمة ويفهم، وهو الذي يأتي بثمر، فيصنع بعض مائة وآخر ستين وآخر ثلاثون” (مت23:13).

وبحسب رواية مرقس الرسول نقرأ “هؤلاء هم الذين زرعوا على الأرض الجيدة، الذين يسمعون الكلمة ويقبلونها ويثمرون واحد ثلاثون وآخر ستين وآخر مائة (مر20:4).

وفي إنجيل معلمنا لوقا نقرأ “الذي في الأرض الجيدة هم الذين يسمعون الكلمة فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر.” (لو15:8).
فمن أقوال البشيرين الثلاثة نرى صفات المؤمن القلبي الروحاني:
* يسمع الكلمة (مت23:13)
* يقبلها (مر20:4)
* يفهمها (مت23:13)
* يحفظها في قلبه (لو15:8)
* يثمر بالصبر (لو15:8)
لماذا نسمى هذا النوع بالمؤمن القلبي؟

نسميه كذلك لأن السيد نفسه يقول عنهم أنهم “يحفظون الكلمة في قلب جيد صالح (لو15:8).

ولأن بولس الرسول يحدد مركز الإيمان الحقيقي وهو القلب عندما قال “لأن القلب يؤمن به للبر والفم يعترف به للخلاص” (رو10:10).
ولأن الأيمان إذا دخل إلى القلب غيره كلية إذ يقول الرب “أعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحا جديدة في داخلكم وانزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم” (حز26:36).

وقال أيضا “أعطيهم قلبا ليعرفوني أني أنا الرب فيكونون لي شعباً وأنا أكون لهم إلهاً لأنهم يرجعون إلى بكل قلوبهم” (أر7:24).

ولهذا فإن داود النبى عندما طلب من الرب قال “قلبا نقياً اخلق في يا الله وروحاً مستقيماً جدد في داخلي” (مز10:51).

فالمؤمن القلبي هو ذاك الذي قبل المسيح في الداخل فاصبح ابناً لله “كل الذين قبلوه أعطاهم سلطاناً أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه” (يو12:1).

والمؤمن القلبي هو ذاك الذي صار “المسيح حياته” (كو4:3) وصار له “فكر المسيح” (1كو16:2). وأخذ طبيعة المسيح “لأننا أعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه”(أف30:5) وحسب له بر وقداسة المسيح “ومنه أنتم بالمسيح يسوع الذي صار لنا من الله حكمة وبر وقداسة وفداء” (1كو30:1). وكما قال بولس الرسول أيضا “جعل الذي لم يعرف خطية، خطية لأجلنا لنصير نحن بر الله فيه” (2كو21:).

ويعلق على ذلك القديس يوحنا ذهبي الفم قائلاً: [تأمل عظمـة الأشياء التي وهبها الـرب لك. فأنه أمـر عظيم حقا أن يموت خاطئ من أجل آخر. ولكن أي لغـة تستطيع أن تعبر عن عظمة موت البار من أجل الأثمة، ليس ذلك فقط بل أن يحسب أيضا لعنة، وأكثر من هذا هباتـه الغنية المجانية التي ما كنا نتوقعها إذ يقول: إن البار جعل خاطئا لكي يجعل الخاطئ باراً. ولم يقل ذلك فحسـب بل ما هو أعظم بكثير … فلم يقل جعل خاطئا بـل جعل خطية ولم يقل الذي لم يخطئ بل الذي لم يعـرف خطية لكي نصير نحن، لم يقل أبراراً بل قال نصير براً وبر الله لأن هذا هو بر الله إذ قد تبررنا ليس بالأعمال بل بالنعمة وبذلك فإن خطايانا كلها قد محيت.] (N. & P. Fars 1st Sers. vol. X11 P.334)

هذا النوع من المؤمنين هم الذين قال عنهم بولس الرسول “الذين يحبون الله الذين هم مدعون حسب قصده لأن الذين سبق فعرفهم سبق فعينهم ليكونوا مشابهين صورة ابنه … والذين سبق فعينهم فهؤلاء دعاهم أيضا. والذين دعاهم فهؤلاء بررهم أيضا. والذين بررهم فهؤلاء مجدهم أيضا” (رو28:8ـ30).
وقال عنهم بطرس الرسول “المختارين بمقتضى علم الله الآب السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح” (1بط1:1،2).
أخي تستطيع إذن الآن أن تفحص نفسك لترى إن كنت مجرد مسيحي اسمي ولم تدخل بعد في دائرة الأيمان؟ أو إن كنت مؤمنا عقليا تؤمن بوجود الله والأقانيم والطقوس والعقائد وتكرم الرب بشفتيك أما قلبك فمبتعد عنه بعيدا وباطلاً تعبده (مر6:7)؟ أم إن كنت مؤمنا عاطفياً متقلباً؟! أم مؤمنا قلبياً حقيقياً صارت لك الطبيعة الجديدة والامتيازات الجليلة التي لأبناء الله؟!!
ثانيا: مفهوم الارتداد

الارتداد هو ترك الرب والرجوع إلى الخطية. وقد وضح هذا المفهوم أشعياء النبي بقوله “تركوا الرب، استهانوا بقدوس إسرائيل، ارتدوا إلى الوراء” (اش4:1).

ولكي نفهم الأمر جليا، يجب أن نعرف أن هناك نوعيين من الارتداد:
1- ارتداد إلى حين.
2- وارتداد دائم.
( 1 ) الارتداد إلى حين:
فالمؤمن القلبي الذي قبل الرب في حياته مخلصاً وفادياً وملكاً قد ينتابه ضعف فيسقط في الخطية وقد يرتد. ولكن هذه الحالة لا تدوم طويلاً إذ سرعان ما يبكته روح الرب، فيستجيب لهذا التبكيت ويندم تائبا ويرجع إلى حضن أبيه ثانية. ولتوضيح هذا النوع من الارتداد نتكلم عن: جوهره، ونهايته.

( أ ) جوهره: هذا النوع من الارتداد هو حالة سقوط ناتجة عن الضعف البشرى الذي يلازم المؤمن الروحاني، كما قال القديس أوغسطينوس:
[إن المعمودية تغسل كل الخطايا … ولكنها لا تـنزع الضعف البشرى الذي يظل المتجدد يقاومه في جهاد حسن، هذا الضعف الذي نقاومه بين سقطة وقيـام حتى المـوت، سينتهي بتجديد آخر (في مجيء الرب الثاني).] ( N.& P. Fars 1st Sers vol. V P.404.)

فهذا النوع من الارتداد ليس ناجما عن قساوة قلب وعناد، ولا عن استباحة واستهانة وإنما هو نتيجة الضعف البشرى الذي يلازم المؤمن الروحي.

(ب) نهايته: إن هذا النوع من الارتداد يستجيب فيه المؤمن لتبكيتات الروح القدس فيتوب ويعترف بخطاياه ولذلك فهو غالبا ما يؤدي إلى العودة والتوبة لا إلى الهلاك. إذ هو ارتداد إلى حين ينتهي برجوع المؤمن إلى نفسه فيستيقظ بعد غفلة ويقوم ويرجع إلى أبيه. والكتاب المقدس يوضح ذلك في مواضع عدة:-
+ يقول سليمان الحكيم “الصديق يسقط سبع مرات ويقوم” (أم16:24).
+ وداود النبى يزيد على ذلك قوله “إذا سقط لا ينطرح (لا يهلك) لأن الرب مسند يده” (مز24:37).

لهذا يقول ميخا النبى “لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم، إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي” (مى8:7).
+ وارميا النبى يقول عن مثل هؤلاء “هل يسقطون ولا يقومون؟ أو يرتد أحد ولا يرجع ؟” (أر4:8).

من هذا نرى أن المؤمنين الروحانيين الذين يسقطون عن ضعف إن تابوا لا يهلكون بل على العكس من ذلك فقد قال الرب عنهم: “أنا أشفى ارتدادهم أحبهم فضلاً” (هو4:14).

لهذا فهم يهتفون مع بولس الرسول قائلين “أما نحن فلسنا من الارتداد للهلاك بل من الإيمان لاقتناء النفس” (عب39:10).
كان هذا عن النوع الأول من الارتداد:
فهو ارتداد إلى حين (أر4:8)
ليست نهايته الهلاك (مز24:37)
إذ يعقبه توبة وندامة المرتد (مز51)

دعنا إذاً نرى النوع الثاني من الارتداد وهو :-

(2) ارتداد دائم:
هذا النوع من الارتداد يشير إليه الرب في تساؤل حزين على لسان أرميا النبى إذ يقول “لماذا ارتد هذا الشعب ارتداداً دائما … أبوا أن يرجعوا … ليس أحد يتوب عن شره.” (أر5:8،6).
ولإيضاح هذا النوع من الارتداد علينا أن نفهم أيضا: جوهره ، ونهايته:

( أ ) جوهره: إن الارتداد الدائم هو حالة رفض الإيمان بالمسيح واحتقاره، وهو أيضا ازدراء بروح النعمة وسقوط منها.
يوضح ذلك بولس الرسول في قوله ” قد تبطلتم عن المسيح … سقطتم من النعمة.” (غل4:5).

ويقول أيضا “كم عقابا أشر تظنون أنه يحسب مستحقا من داس ابن الله وحسب دم العهد الجديد الذي قدس به دنسا وازدرى بروح النعمة” (عب29:10).
ويهوذا الرسول يقول “يحولون نعمة إلهنا إلى الدعارة، وينكرون السيد الوحيد الله وربنا يسوع المسيح” (يهوذا 4).

لهذا يحذرنا بولس الرسول من خطر هاتين الحالتين فعن الحالة الأولى وهو رفض الإيمان يقول: “انظروا أيها الاخوة أن لا يكون في أحدكم قلب شرير بعدم إيمان في الارتداد عن الله الحي.” (عب12:3).
وعن الحالة الثانية وهى السقوط من النعمة يقول: “ملاحظين لئلا يخيب أحد من نعمة الله.” (عب15:12).

( ب ) نهايته: نهاية الارتداد الدائم معروفة وهى الهلاك.
وقد وضح بولس الرسول ذلك بكل جلاء إذ قال عن قوم مرتدين. “كثيرين يسيرون ممن كنت أذكرهم لكم مراراً، والآن أذكرهم أيضا باكيا وهم أعداء صليب المسيح الذين نهايتهم الهلاك.” (فى18:3،19).

وبطرس الرسول يقول: “لأنه إذا كانوا بعدما هربوا من نجاسات العالم بمعرفة الرب والمخلص يسوع المسيح يرتبكون أيضا فيها فينغلبون، فقد صارت لهم الأواخر أشر من الأوائل. لأنه كان خيراً لهم لو لم يعرفوا طريق البر من أنهم بعدما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم قد أصابهم ما في المثل الصادق كلب عاد إلى قيئه وخنزيرة مغتسلة إلى مراغة (أي طين) الحمأة (أي الوحل).” (2بط20:2ـ22).

فالارتداد الدائم إلى حياة الدنس واحتقار ابن الله والازدراء بروح النعمة، إن لم يعقبها توبة أو رجوع كما يقول أرميا النبي “أبوا أن يرجعوا … ليس أحد يتوب عن شره.” (أر5:8،6). لابد أن يعقبها هلاك أبدى (نهايتهم الهلاك). (فى19:3)، لأن السيد المسيح قال “إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون” (لو13: 3).

والآن بعد هذا الإيضاح لفئات المؤمنين، وأنواع الارتداد نستطيع أن نجيب على السؤال الجوهري وهو:
هل يمكن أن يرتد المؤمن ويهلك؟
فنقول أن هناك فئـتين من المؤمنين المرتديين ولكن نهايتهم ليست واحدة:-

( 1 ) مؤمنون قد يرتدون ولكنهم يتوبون:
وهم الذين يرتدون إلى حين، فإذ يسقطون عن ضعف يبكون تائبين. أولئك هم المشبهون بالأرض الجيدة أصحاب القلوب المتجددة، والثمار المتكاثرة. السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح.

( 2 ) مؤمنون يرتدون ويهلكون:
وهم الذين يؤمنون إلى حين (لو15:8). ويرتدون ارتدادا دائما (أر5:8،6).
وإذ يحتقرون المسيح ويسقطون من النعمة لا يتوبون ولا يرجعون. أولئك هم المشبهون بالأرض المحجرة والمليئة بالأشواك.

أخي يامن قبلت الرب في حياتك تمسك ببداءة الثقة الثابتة إلى النهاية، كما يقول معلمنا بولس الرسول في رسالته إلى العبرانيين (عب14:3). وإن كنت قد أقبلت إلى المسيح حقا فهو لا يخرجك خارجا.(يو37:6).

ملحوظة:
حيث أن الإنسان لا يعرف يقينا نوعية إيمانه إلا إذا وصل النهاية، لهذا ينبغي أن يحذر لئلا يسقط، كما قال الكتاب “من يظن أنه قائم فلينظر أن لا يسقط” (1كو10: 12)
ولهذا قال الكتاب “الذي يصبر إلى المنتهى فهذا يخلص” (مت10: 22)
أسباب الارتداد
ذلك وأهم تلك الأسباب ما يأتـي:-

(1) الميل الداخلي للخطية :
وهو المعبر عنه (بالطبيعة القديمة). أو (الإنسان العتيق). أو (جسد الخطيـة) [رو6:6].

فبالرغم من أننا لبسنا الإنسان الجديد وأخذنا طبيعة جديدة في سر المعمودية إلا أن الإنسان العتيق أو الطبيعة القديمة لا تمحى نهائيا، بل تبقى مستترة في الجسد. ولهذا قال معلمنا بولس الرسول : “الجسد يشتهى ضد الروح والروح ضد الجسد.” (غل17:5). فالصراع الداخلي قائم بين جسد الخطية ومشتهياته وبين الروح الجديد الذي أخذناه واشتياقاته.

فلو أن جسد الخطية قد أميت تماما لما كان هناك صراع، ولما قال بولس الرسول “أقمع جسدي واستعبده” (1كو27:9). لهذا فان السبب الأول للارتداد هو عدم إخضاع جسد الخطية لمشيئة الروح. أو بمعنى آخر هو عدم قمع الذات. وتقيدها حتى لا تعود تسيطر عليك وتصبح مركز تفكيرك وحياتك فينطبق عليك قول بولس الرسول “لان الناس يكونوا محبين لأنفسهم … متعظمين مستكبرين … متصلفين محبين للذات دون محبة الله. لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها”(2تى1:3ـ5) فداود ارتد لأنه اشتعل بالشهوة (2صم11: 4). وشمشون ارتد لأنه استسلم لشهواته (قض16).

فأحذر يا أخي من العدو رقم (1) وهو “طبيعتك القديمة” لئلا تغافلك وتفترسك:

قصة:
استأنس هندي شبلاً، وعندما كبر اصبح أسدا أليفا … وفي أحد الأيام اشتاق إلى طعم الدماء، فثارت طبيعته القديمة المفترسة وما كان من الهندي إلا أن أطلق عليه الرصاص ليتخلص من خطره. هكذا الأمر هو مع الطبيعة القديمة فهي لا تموت وإنما تقيد وتقمع … فأحذر من خطرها لئلا تثور وتقودك إلى حياة الإثم ثانية.
والسبب الآخر للارتداد هو:

(2) الذات:
وتظهر الذات بأساليب مختلفة مثل الكبرياء وحب المديح وعدم احتمال الذم والإهانة والأنانية والعطف على النفس … الخ.
فأيوب ارتد بسبب ذاته إذ كان بارا في عيني نفسه. (أي32: 1).
وملاك كنيسة لاودكية الذي في كبريائه حسب نفسه غنيا. (رؤ17:3).

(3) فتور المحبة :
إن علاقتنا مع الله مبنية على أساس الحب “الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله” (1يو16:4).

وحبنا لله مبنى على حبه لنا “نحن نحبه لأنه احبنا أولاً” (1يو19:4). فعندما تعي عظم صنيع الرب إليك، وكيف أنه بذل ذاته على الصليب ليرفع عنك عقوبة خطيتك، وعندما تتذكر أنه لما وجدك ضعيفا أمام قوى الشر وعالم الإثم “أيدك بالقوة بروحه في الإنسان الباطن” (أف16:3).

وعندما تذكر انه انطلق إلى السماء ليعد لك مكانا وسيأتـي أيضا ليأخذك حتى حيثما يكون تكون أنت أيضا معه (1تس17:4).
كل هذا إذا وعيته تماما لا لتهب قلبك حبا لشخصه المبارك. وهذه هي الحياة الروحية … حياة في محبة الله.

ولكن في اللحظة التي فيها تفتر المحبة بسبب نسيان ما عمله الرب من أجلك … هنا يدب الفساد إلى قلبك … لأنه لا بد وأن تكون قد دخلت إلى قلبك محبة أخرى قللت من شأن المحبة الأولى وأخمدت لهيب نار شوقها.

لهذا نجد الروح يوبخ ملاك كنيسة أفسس لارتداده موضحا علة هذا الارتداد بقوله: “إنك تركت محبتك الأولى فأذكر من أين سقط وتب”(رؤ4:2،5).

وما كان ارتداد ديماس إلا نتيجة تسرب محبة العالم إلى قلبه فنزعت عواطف الحب المتجه نحو الله ولهذا كتب بولس الرسول موضحا ذلك بقوله: “ديماس قد تركني إذ أحب العالم الحاضر” (2تى10:4).

ولذلك قد حذر السيد المسيح من طغيان أي محبة أخرى خشية أن تقتلع المحبة الأولى الشخصية فتكون سببا في الارتداد إذ قال: “من أحب أبا أو أما اكثر مني فلا يستحقني. ومن أحب ابنا أو ابنة اكثر منى فلا يستحقني” (مت37:10).

فأحذر يا أخي من تسرب أية محبة إلى قلبك سواء كانت لأهلك أو للعالم أو محبة لذاتك أو محبة عملك وأشغالك … أو أية محبة أخرى تنقص من قيمة محبة الله في قلبك …

اذكر دوما جراحات المحبة … اذكر انشغال يسوع بك وعمله الآن من أجلك … تطلع بعين الانتظار لمجيئه على السحاب بعد أن يكون قد أعد لك المكان … فإن تذكرت ذلك لن تخمد نيران محبته من قلبك … ولن يتطرق الارتداد إلى حياتك.

(4) التـهاون:
هل تعرف يا أخي كيف سقط داود النبى في خطية الزنا مع امرأة أوريا الحثي؟ وما الأسباب التي قادته إلى تلك الخطية الشنيعة؟ إن السبب يا أخي يكمن في التهاون !!!

اسمع ماذا يقول الكتاب “وكان عند تمام السنة في وقت خروج الملوك أن داود أرسل يوآب وعبيده … وأما داود فأقام في أورشليم … وكان في وقت المساء أن داود قام عن سريره وتمشى على سطح بيت الملك فرأى من على السطح امرأة تستحم … ” (2صم1:11،2).

هذه هي الخطوات التي قادت داود النبى والملك أن يسقط في خطية الزنا مع هذه المرأة … ولعلك تكون قد رأيت تهاونه المتكرر. فقد تهاون أولا في الخروج مع الجيش للحرب إذ كان المفروض أن يقود هو جيشه لأنه كان وقت خروج الملك… أما داود فأرسل يوآب وعبيده وأقام هو في أورشليم !!!

هذا الأمر الذي لم يقبله أوريا نفسه الذي أخطأ داود مع امرأته، فعندما أراد داود أن يخفى خطيته أرسل وطلبه من الجيش ليضطجع مع امرأته حتى يظن أنها حبلت منه. ولكن أوريا يرفض بإصرار أن ينام في بيته في حين أن الجيش يحارب في الميدان. فيقول لداود الملك “إن التابوت وإسرائيل ويهوذا ساكنون في الخيام وسيدي يوآب وعبيد سيدي نازلون على وجه الصحراء وأنا آتى إلى بيتي لآكل واشرب واضطجع مع امرأتي؟!! وحياتك وحياة نفسك لا أفعل هذا الأمر” (2صم11:11).
تأمل يا أخي فإن هذا الجندي يأبى أن ينام في بيته بينما التابوت والشعب يحارب في الميدان، أما الملك فيتهاون ويقيم في أورشليم !!! ثم يا ليته أقام في أورشليم ليرفع يديه إلى العلي مصليا حتى يعطى الرب الجيش النصرة كما فعل موسى النبي في حرب عماليق. (خروج11:17)، ولكنه ينام على سريره طوال النهار حتى المساء!!.

هذه هي المرة الثانية ليتهاون فيها إذ ينام حتى المساء … إن نومه هذا يشبه نوم بطرس الذي وبخه عليه السيد المسيح قائلا: “يا سمعان أنت نائم … أما قدرت أن تسهر ساعة واحدة. اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة” (مر37:14،38).

وهكذا إذ تهاون داود في الصلاة والسهر سقط في التجربة فسقط في خطية الزنا … .

ثم تهاون آخر سقط فيه داود النبى، فعندما قام عن سريره لم يقف للصلاة وإنما بلغ به الأمر أن يتهاون في ذلك ويخرج من حجرة نومه ليتمشى على سطح بيت الملك. (2صم2:11).

أفبعد كل هذا التهاون ينجو داود من السقوط؟!. آه يا أخي من التهاون في حياتك … فأنت تقيم في بيتك حيث يقتضي الأمر وجودك في ميدان الشهادة !! وليتك وأنت في بيتك تكون قائما في مخدع صلاتك بل تتهاون أيضا وتقضى الوقت نائما على سرير تهاونك!!

وعندما تقوم عن سرير نومك تتهاون أيضا فتخرج لتتمشى وتتنزه وتمتع جسدك…!!.

أفبعد كل هذا تريد أن تنتصر على التجارب وتنجو من السقوط؟!!!.
حذار يا مبارك من التهاون مع نفسك في القيام بعمل الرب والسهر لئلا ترتد إلى حياة الخطية ثانية.

(5) الاستهانة :
لقد تكلمت عن التهاون في حياتك الروحية بأنه يقودك إلى الارتداد، وهنا أقول لك أن الاستهانة بالخطية تفسد حياتك الروحية وتردك أيضا إلى حياة الإثم.

لهذا نرى الروح القدس في نشيد الإنشاد يحذر من الاستهانة بالخطايا الصغيرة قائلا : “خذوا لنا الثعالب. الثعالب الصغار والمفسدة للكروم” (نش15:2).وسليمان الحكيم يقول “الذباب الميت ينتن طيب العطار” (جا10: 1).

الواقع أن الإنسان بعدما يأخذ نعمة ويسير مع الرب يتحذر من الخطايا الكبيرة فيبتعد عن الزنا والسرقة والرشوة وما شابه ذلك من الخطايا الكبيرة ولكنه يستهين ببعض الخطايا الصغيرة ولا يدرى أنها إذا تسربت إلي قلبه يستفحل أمرها ويعسر عليه إخراجها لأنها تكون قد أفسدت حياته!.

فلماذا تستهين بالتبسط في أحاديثك والألفة مع الآخرين؟ إنه ثعلب صغير سيفقدك سلامك! ولماذا تستهين بالفكاهات المشبوهة وأسلوب الهزل في الكلام؟ إنه ثعلب صغير سيميت قلبك! لماذا تستهين بانتقاد الغير ومسك سيرتهم؟ إنه ثعلب صغير وليد الإدانة! لماذا تستهين بالإجابات الخادعة الماكرة؟ إنها ثعالب صغيرة أمها الكذب! لماذا تستهين بالغضب والنرفزة والكلام الجارح؟ إنه ثعلب صغير أبوه القتل! لماذا تستهين بالنظرات الشريرة وحب مجالس النساء؟ إنها ثعالب صغيرة وليدة الزنا! تأمل يا أخي كيف انحدر سليمان الملك ليعبد الأصنام تاركاً عبادة الرب.
يوضح الكتاب أن السبب الرئيسي في ذلك هو استهانة سليمان بالثعالب الصغار إذ يقول الكتاب “وأحب الملك سليمان نساء غريبة… من الأمم الذين قال عنهم الرب لبني إسرائيل لا تدخلون إليهم وهم لا يدخلون إليكم لأنهم يميلون قلوبكم وراء آلهتهم … فالتصق سليمان بهؤلاء بالمحبة… فأمالت نساؤه قلبه. وكان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخري… فذهب سليمان وراء عشتوروث آلهة الصيدونيين، وملكوم رجس العمونيين، وعمل سليمان الشر في عين الرب..” (1مل11: 1ـ6).

هل كان أحد يظن أن سليمان النبى والملك الذي خصه الرب بشرف بناء هيكله ووهبه حكمة لم ينلها إنسان من قبله أو من بعده…

هل كان أحد يظن أنه يسقط في أشنع الخطايا وهى عبادة الأصنام وعمل الشر في عيـني الرب ؟!!. قطعاً لا أحد يظن ذلك. وما كان هو نفسه يتوقع ذلك. ولكن الثعالب الصغار قد تسربت إلى حياته واستهان هو بها في أول الأمر فأودت به إلى هذا الحضيض. فقد استهان أولا بثعلب حب النساء الغريبات. (1مل1:11). ثم كبر هذا الثعلب قليلا فأباح لنفسه أن يكسر وصية الرب التي تمنع الزواج بالنساء الغريبة وأتخذ منهن نساء لنفسه. (1مل2:11). ثم كبر هذا الثعلب أيضا فاحتلت هؤلاء النساء مركز الحب في قلب سليمان “فأمالت نساؤه قلبه” (1مل3:11). ثم استفحل هذا الثعلب وعسر على سليمان إخراجه إذ ضعف أمام سلطانه فسقط في عبادة الأصنام. (1مل4:11،5). ثم انقلب الثعلب إلى أسد مفترس فتك به “فعمل سليمان الشر في عيني الرب” (1مل6:11).

قصة:
انقطعت المياه عن إحدى القرى. وعندما حضر العمال لفحص توصيلات المواسير، وجدوا ضفدعة كبيرة قد سدت إحدى الصمامات، وقد أدركوا أن هذه الضفدعة الكبيرة قد تسربت إلى مواسير المياه الرفيعة يوم أن كانت وليدة صغيرة، وعندما كبرت وزاد حجمها سدت هذا الصمام فمنع الماء عن القرية.

هكذا الحال معك يا أخي فتدخل في حياتك خطية صغيرة وتستهين بها ثم تكبر هذه الخطية في قلبك حتى تسد صمامات النعمة عنك فتجف حياتك الروحية.

ألا تدرى لماذا جفت تعزياتك في الصلاة.؟
ألا تدرى لماذا خمدت نيران غيرتك في الخدمة.؟
ألا تدرى لماذا فترت محبتك الأولى.؟
ابحث عن الثعالب. الثعالب الصغار المفسدة للكروم.
ابحث عن الضفادع التي سدت صمامات النعمة عنك.

(6) صغـر النفس :
ومن الأسباب التي تقود إلى الارتداد حاله تسمى صغر النفس تنـتاب المؤمن عقب سقوطه في إحدى الخطايا التي أقلع عنها. فيشعر بالفشل والخيبة وفقد الثقة في إمكانية الاستمرار في حياة القداسة. وربما قاده هذا إلى اليأس والارتداد إلى حياة الشر والنجاسة.

فلا تدع هذه المشاعر تتملك على قلبك لأنها وسيلة من وسائل إبليس الجهنمية ليفقدك سلامك ويفصلك عن إلهك ويقطع رجاءك.

فهوذا داود النبى يكشف هذه الحيلة الشيطانية فيقول: “كثيرون قائمون على. كثيرون يقولون لنفسي ليس له خلاص بإلهه. أما أنت يارب فترس لي. مجدي ورافع رأسي” (مز1:3ـ3).

فإذ اكتشف داود أن الشياطين يحاولون أن يفقدوه الثقة في الخلاص بإلهه نراه يؤكد أن الرب ناصره، مجده ورافع رأسه على أعدائه.

ويوحنا الحبيب يكتب في رسالته قائلا: يا أولادي أكتب إليكم هذا لكي لا تخطئوا. وإن أخطأ أحد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار. وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم أيضا.” (1يو1:2،2).

فهو يوضح إنه إن كان قصد الرب منا هو أن لا نخطئ، إلا أنه إذا أخطأ أحد فليس معنى هذا أنه يفقد الرجاء ويفقد الإيمان بل ليتقدم أيضا إلى الله في شفاعة دم السيد المسيح الذي يكفر كل خطية “دم يسوع المسيح ابنه يطهرنا من كل خطية” (1يو7:1). “وإن اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل أثم.” (1يو9:1).

فقل للخطية يا أخي بلغة الثقة في محبة الرب والإيمان في قدرته المخلصة. “لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم.” (ميخا8:7).

وما اجمل ما صوره هذا النبى (ميخا) في هذا الصدد إذ قال: “لكنني أراقب الرب أصبر لإله خلاصي. يسمعني إلهي. لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم. إذا جلست في الظلمة فالرب نور لي. احتمل غضب الرب لأني أخطأت إليه حتى يقيم دعواي ويجرى حقي. سيخرجني إلى النور سأنظر بره. وترى عدوتي فيغطيها الخذي القائلة لي أين هو الرب إلهك. (ميخا7:7ـ10).
فتراه وهو يعبر عن شعور المؤمن إذا سقط:
يصور انتظاره للرب (أراقب الرب).
في صبر (أصبر لإله خلاصي).
وفى إيمان وثقة باستجابة صلاته (يسمعني إلهي)،
وفى عدم يأس (لا تشمتي بي يا عدوتي. إذا سقطت أقوم. إذا جلست في الظلمة
فالرب نور لي).
وفي رجاء ثابت (سيخرجني إلى النور)، وفـي اتكال على بر الله (سأنظر بره)،
وفـي نصرة مؤكدة (وترى عدوتي فيغطيها الخذي القائلة لي أين هو الرب إلهك).
ولهذا يقول داود النبى “من قبل الرب تـتـثبت خطوات الإنسان … إذا سقط لا ينطرح لأن الرب مسند يده” (مز23:37،24).
فأحذر يا أخي من خطر صغر النفس لأنها حفرة مغطاة قرارها في أعماق الهاوية.

(7) الاكتفاء والتقاعد:
وثمة سبب آخر من أسباب الارتداد هو الاكتفاء والتقاعد. عندما خرج بنو إسرائيل من أرض مصر وخلصوا من عبودية فرعون وسلطانه، ساروا في البرية وعند جبل حوريب رأوا مجد الرب واخذوا الوصايا العشر … واكتفى الشعب بهذه الاختبارات وتقاعدوا في سفح هذا الجبل ونسوا أرض الموعد. لهذا نبههم الرب إلى خطورة هذا الأمر بقوله. “كفاكم قعود في هذا الجبل … تحولوا وارتحلوا … ادخلوا وتملكوا الأرض التي اقسم الرب لآبائكم أن يعطيها لهم ولنسلهم من بعدهم.” (تث6:1ـ7).
أخشى يا أخي أن تكون قد وصلت في حياتك الروحية إلى سن التقاعد ومرحلة الاكتفاء باختبارات حوريب ونسيت أرض الموعد كنعان السماوية.

اسمع ما قاله بولس الرسول الذي تجاوز اختبارات حوريب فبلغ إلى السماء الثالثة وبالرغم من هذا يقول “أيها الاخوة أنا لست أحسب نفسي أنى قد أدركت. ولكنى أفعل شيئا واحدا إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام. أسعى نحوا الغرض لأجل جعالة دعوة الله العليا في المسيح يسوع. فليفتكر هذا جميع الكاملين منا وإن افتكرتم شيئا بخلافه فالله سيعلن لكم هذا أيضا.” (فى13:3ـ15).
فبولس الرسول رغم الإعلانات والمناظر الإلهية التي تمتع بها ورغم الاختبارات العميقة التي حصل عليها يقول “ليس أنى قد نلت أو صرت كاملاً… أنا لست أحسب نفسي أنى قد أدركت” (فى12:3،13).
فهو لا يعتبر نفسه أنه قد أدرك الكمال حتى لا يكتفي بهذا ويتقاعد عن النمو بل نراه يقول “ولكنى أفعل شيئا واحدا إذ أنا أنسى ما هو وراء وأمتد إلى ما هو قدام.” (فى14:3). فينسى الاختبارات الروحية التي نالها وكابن مولود حديثا يسعى إلى اختبارات أخرى جديده.
وأنت يا من لم تصل إلى ما وصل إليه معلمك بولس الرسول وتكتفي بما نلته وتعتبر نفسك أنك قد أدركت وصرت كاملا وتتقاعد عند هذا الحد وتنضم إلى جماعة (شيوخ إسرائيل)!!
اعلم يا أخي أنه لا توجد حالة (توقف) في الحياة الروحية ولا توجد حدود لأعماق محبة الله فهي نهر سباحة لا يعبر …
لهذا فإما أنك تتقدم في اختباراتك الروحية كل يوم إلى قدام وإما أنك تتراجع إلى الوراء !!!.
آه أيها الكامل في عيني نفسك كفاك قعود في هذا الجبل تحول وارتحل لتمتلك اختبارات اكثر …
اطلب من الرب الروح أن ينقلك من مجد إلى مجد كما قال معلمنا بولس الرسول: “ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح.” (2كو18:3).

امثلة للذين ارتدوا في الكتاب المقدس
1- هارون و عبادة الاصنام. خروج7:32-14
2- جدعون و عبادة الاوثان قضاة 27:8
3- شاول الملك 1صم11:15
4- امصيا اخبار الايام التانى14:25
5- التلاميذ في يوحنا66:6
6- هيمنياس فى تيموثاوس الاولي19:1-20
7-ديماس”ديماس تركني إذ أحب العالم الحاضر” (2تى10:4)
تـأديبات الارتداد

هل تظن أيها العزيز انك إذا ارتديت تنجو من تأديبات الله ؟ كلا فعصا محبة الله لن تفارقك حتى ترجع وتتوب “لأن الذي يحبه الرب يؤدبه” (أم12:3).
ويوضح لنا الكتاب معاملات الله مع المرتدين فإليك بعضها:-

(1) الفضيحـة :
تأمل ما حدث لداود النبى بعد أن أخطأ في الخفاء مع بتشبع امرأة أوريا الحثي، فأرسل الرب له ناثان النبى قائلا: هاأنذا أقيم عليك الشر من بيتك وآخذ نساءك أمام عينيك وأعطيهن لقريبك فيضجع مع نسائك في عين هذه الشمس، لأنك أنت فعلت بالسر وأنا أفعل هذا الأمر قدام جميع إسرائيل وقدام الشمس”.(2صم11:12،12).

فعندما أراد الرب أن يؤدب داود على ارتداده كان ذلك عن طريق فضح أمره، وقد تم ذلك فعلاً إذ قام أبشالوم ابنه بالثورة ضد أبيه وطرده من عرشه ثم “نصب خيمة على السطح ودخل إلى سرارى أبيه أمام جميع إسرائيل.” (2صم21:16،2).

وتأمل أيضا تأديب الرب لشمشون. فقد ذهب إلى بيت دليله وتمرغ في الخطية هناك وإذا بعصي الرب تهوى على رأسه وتفقأ عينيه وتنزع كرامته فيصير هزءة أمام الجميع. (قض16).

تحذر يا أخي من الارتداد المستتر لئلا يفضح الرب أمرك ويكشف للجميع سرك “لأنه ليس مكتوم لن يستعلن ولا خفي لن يعرف.” (مت26:10).

وإن كان الرب لم يكشف أمرك إلى الآن ويفضحه فلا تتمادى في شرك لأن طول أناة الله عليك إنما هي من معاملاته اللطيفة نحوك تاركا الفرصة لك لكي تعود وترجع إليه وإلا أدبك بمعاملاته المخيفة!!
” أم تشتهين بغني لطفه وإمهاله وطول أناته، غير عالم أن لطف الله يقتادك إلى التوبة “. (رو4:2).
(2) المـرض:
والمرض الذي يسمح به الله للمؤمن المرتد هو وسيله من وسائل التأديب ليضع شكائم في فكيه ليرجعه إلى حياة النعمة ثانية.
هذا ما حدث مع أيوب الصابر الذي شهد له الرب أنه : “رجل كامل ومستقيم يتقى الله ويحيد عن الشر.” (أى8:1).
ولكن أيوب هذا كان به عيب خطير أو قل عامل من عوامل الارتداد وهو (الذات) أو الشعور ببره الذاتـي. يتضح ذلك من قوله: “يا ليتني كما في الشهور السالفة … إذ غسلت خطواتـي، باللبن والصخر سكب لي جداول زيت … كنت أخرج إلى الباب في القرية وأهيئ في الساحة مجلسي. رآنـي الغلمان فاختبأوا والأشياخ قاموا ووقفوا. العظماء أمسكوا عن الكلام ووضعوا أيديهم على أفواههم… لأن الأذن سمعت فطوبتنى والعين رأت فشهدت لي. لأني أنقذت المسكين المستغيث واليتيم ولا معين له، لبست البر فكساني كجبة وعمامة كان عدلي. كنت عيونا للعمي وأرجلا للعرج. أب أنا للفقراء ودعوى لم أعرفها فحصت عنها … كرامتي بقيت حديثة عندي … لي سمعوا وانتظروا ونصتوا عند مشورتي … كنت أجلس رأسا وأسكن كملك في جيش.” (أى1:29ـ25).
ويقول الكتاب تعليقا على هذا الكلام “فكف هؤلاء الرجال الثلاثة (وهم أصحابه) عن مجاوبة أيوب لكونه بارا في عيني نفسه.” (أى1:32). ومن أجل هذا سمح الرب بالمرض لأيوب ليؤدبه وقد أوضح هذه الحقيقة أحد أصدقاء أيوب إذ قال له “أيضا يؤدب بالوجع على مضجعه.” (أى19:33).

وارميا النبى يقول في مراثيه “أبلى لحمى وجلدي. كسر عظامي … إنه من احسانات الرب أننا لم نفن لأن مراحمه لا تزول… جيد أن ينتظر الإنسان ويتوقع بسكوت خلاص الرب … لماذا يشتكى الإنسان … من قصاص خطاياه. لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع إلى الرب.” (مراثي ارميا4:3،22،26،39،40).

أخي المرتد ألا تعلم أن المرض الذي أصابك إنما هو عصا تأديب من الرب؟ ألا تمتحن نفسك وترجع إليه فيرحمك؟ ليتك تقول مع هوشع النبى “هلم نرجع إلى الرب لأنه هو افترس فيشفينا. ضرب فيجبرنا.” (هو1:6).

(3) الضيـق :
وهذه وسيلة أخرى من وسائل معاملات الرب للمرتدين. يتضح ذلك من معاملاته مع بنى إسرائيل الذين أصعدهم من أرض مصر وأتى بهم إلى أرض كنعان. فعندما كانوا يرتدون عنه كان يدفعهم إلى أيدي أعدائهم ليضايقونهم حتى يرجعوا إلى الرب إلههم. فقد ظهر ملاك الرب لهم في بوكيم وقال “قد أصعدتكم من مصر وأتيت بكم إلى الأرض التي أقسمت لآبائكم وقلت لا أنكث عهدي معكم إلى الأبد. وأنتم فلا تقطعوا عهدا مع سكان هذه الأرض. اهدموا مذابحهم. ولم تسمعوا لصوتي. فماذا عملتم ؟ فقلت أيضا لا أطردهم من أمامكم بل يكونون لكم مضايقين وتكون آلهتهم لكم شركا … فرفعوا صوتهم وبكوا … هناك للرب.” (قض1:2ـ5).
فهذه سياسة إلهية حكيمة إذ يبقى الرب على الشعوب الأممية حتى يكونوا عصا تأديب لبنى إسرائيل إذا ما ارتدوا.

وتتضح هذه الحقيقة من قول الكتاب “وفعل بنو إسرائيل الشر في عينـي الرب … وتركوا الرب إله آبائهم … وأغاظوا الرب … فحمى غضب الرب على إسرائيل فدفعهم بأيدي ناهبين نهبوهم. وباعهم بيد أعدائهم … فضاق بهم الأمر جدا. وأقام الرب قضاة فخلصوهم من يد ناهبيهم … وعند موت القاضي كانوا يرجعون ويفسدون أكثر من آبائهم فحمى غضب الرب على إسرائيل وقال … لا أعود أطرد إنسانا من أمامهم من الأمم … لكي امتحن بهم إسرائيل.” (قض11:2ـ23).

هذه معاملات الله مع بنى إسرائيل فعندما كانوا يرتدون عنه كان يدفعهم لأيدي أعدائهم فيضايقونهم حتى يرجعوا عن ضلالهم.

وهكذا الأمر أيضا مع المؤمنين إذا ما ارتدوا فإن الله يدفعهم إلى أيدي أعدائهم (الشياطين) لتأديبهم ومضايقتهم. هذا هو ما وضحه معلمنا بولس الرسول لأهل كورنثوس بالنسبة لذلك المؤمن الذي ارتد وتزوج بامرأة أبيه فيقول لهم “قد حكمت … في الذي فعل هذا هكذا باسم ربنا يسوع المسيح … أن يسلم مثل هذا للشيطان لهلاك الجسد لكلى تخلص الروح في يوم الرب يسوع.” (1كو5:5).

وقد بلغ الأمر في معاملات الله لبنى إسرائيل عندما عصوا وارتدوا أن سمح بأن يسبوا إلى بابل حيث أذلهم هناك … وهاك صورة يرسمها أرميا النبى الباكي لأحوالهم في ذلك الوقت. فيقول :
“كيف جلست وحدها المدينة الكثيرة الشعب؟
كيف صارت كأرملة، العظيمة بين الأمم؟
تبكى في الليل بكاء ودموعها على خديها!
ليس لها معزى من كل محبيها!
قد سبيت يهوذا من المذلة ومن كثرة العبودية!
كهنتها يتنهدون. عذاراها مذللة وهى في مرارة لأن الرب قد أذلها لأجل
كثرة ذنوبها” (مراثي أرميا1:1ـ5).
وتأمل قوله “لأن الرب قد أذلها لأجل كثرة ذنوبها” فالرب يسمح بالمذلة تأديبا على كثرة الذنوب حتى يرجع الخاطئ إلى نفسه ثم إلى إلهه.
ولهذا قال داود النبى “قبل أن أذلل أنا ضللت … خير لي انك أذللتني. (مز67:119،71).
وهذه هي السياسة التي أتبعها الرب مع ملك إسرائيل الشرير منسى الذي “أكثر عمل الشر في عيـني الرب لإغاظته” (2أخ6:33). وقد كلمه الرب بلطف فلم يصغ، فجلب الرب عليه جنود ملك أشور فأخذوه بخزامة وقيدوه بسلاسل وذهبوا به إلى بابل. وهناك يقول الكتاب “لما تضايق طلب وجه الرب إلهه وتواضع جدا. وصلى إليه فاستجاب له وسمع تضرعه ورده إلى أورشليم إلى مملكته فعلم منسى أن الرب هو الله.” (2أخ12:33،13).
هل تشعر يا أخي أن الرب قد أذلك وترك الأعداء يضايقونك؟ لابد وأنك قد انحرفت وارتديت لهذا سمح الله بتأديبك حتى يرد الرب سبى نفسك ويعيدك إلى رتبتك الأولى
علاج الارتداد
“أنا اشفي إرتدادهم …” (هو4:14).

إن كنت يا أخي واحدا من المرتديين وقد تركت محبتك الأولى، وثقلت عليك يد الرب، وتضايقت جدا … لا تغلظ الرقبة، ولا تقسِّ القلب بالأكثر، بل تعال إلى حبيبك ليجبر كسر قلبك الحزين.
ونضع أمامك ما عينه الروح علاجا للارتداد :-

(1) أذكر خطيتـك:
فيقول الوحي للخادم المرتد “اذكر من أين سقطت” (رؤ5:2).
افحص نفسك بتدقيق لتعرف خطيتك “اعرفي إثمك أنك إلى الرب إلهك أذنبت … ولصوتي لم تسمعوا يقول الرب.” (إر13:3).

آه يا أخي المبارك فطالما قلبك متقسيا فلا فائدة. إن لم تكن لك الحساسية الروحية لتشعر بإثمك فلا أمل في علاجك.

راجع حياتك وانظر إن كان سور الطهارة في حياتك قد تهدم وتطرقت الشهوة إلى قلبك حتى أقامت لها وكرا هناك، واستعبدتك من جديد… استيقظ يا شمشون… أيها البطل المرتد قبل أن تقتلك دليله بسموم زناها.

امتحن نفسك يا أخي لئلا تكون قد سقطت في شراك الذات والكبرياء … لئلا يكون قد تسرب إلى قلبك من خلال كلمات المديح التي تحب سماعها بل أصبح فيك مرضا خطيرا يهدد حياتك فتحزن عندما يقصر أحد في إطرائك، وتكتـئب عندما ينـتقدك أو يذمك أحد. وتـثور جدا عندما يجرح كرامتك إنسان… وتحتقر الغير وتنـتقد الآخرين… وتعود إلى ما كنت عليه قبلما تعرفت على يسوع!

افحص نفسك يا أخي لئلا تكون قد انشغلت بأي شئ آخر ونسيت يسوع… يسوع الذي أحببته وسلمت حياتك له وذابت ذاتك فيه وسبى قلبك في حبه ورحت تنادى بكم صنع بك ورحمك … انظر لئلا تكون الخدمة قد شغلتك فنسيت محبتك الأولى … وأصبحت خدمتك بلا محور ارتكاز منذ أن رفعت يسوع منها … بل أخشى أيضا أن تكون ذاتك قد حلت محل يسوع وأصبحت هي محور ارتكاز خدمتك… فـتنقد خدمة هذا وتحطم خدمة ذاك لكي تعلن للملأ أن خدمتك فقط هي الناجحة.
امتحن نفسك وانظر من أين سقطت ربما تهاونك وعدم تدقيقك في أحاديثك وفي تصرفاتك وفي معاملاتك؟ ربما عدم طاعتك لروح الله! وربما عدم مواظبتك على وسائط النعمة معتبرا أنها تخص المبتدئين أما أنت فقد استغنيت ولا حاجة لك بعد إلى شئ !!!

افحص ذاتك لئلا تكون محبة العالم قد تطرقت إلى قلبك! انظر لئلا تكون محبة المال قد احتلت مركز تفكيرك … !!

ليتك الآن يا أخي تجلس أمام الله وتستعرض حياتك في أمانة لتتعرف على سبب ارتدادك … قبل أن يأتـي الرب ويزحزح منارتك من مكانها. (رؤ5:2).

(2) اندم وتـب:
فقد رسم الروح طريق العودة من سبي الخطية إذ قال “اذكر من أين سقطت وتب” (رؤ5:2).

فأيوب عندما وبخه الرب وعرف خطيته تاب نادما وقال “لذلك أرفض (نفسي) وأندم في التراب والرماد” (أى6:42). فرد الرب سبيه إذ شفاه من أمراضه وعوضه عن كل ما كان له.

وداود النبى إذ أظهر له الرب خطيته على فم ناثان النبى نراه يتوب نائحا إذ قال “قد أخطأت إلى الرب” (2صم13:12).فيسمع في الحال قبول التوبة “والرب أيضا قد نقل عنك خطيتك.” (2صم13:12).

وبطرس الرسول الذي بكى بكاء مرا عندما التفت الرب إليه عقب أن أنكره ثلاث مرات، نرى الرب يعيده ثانية إلى حقل الخدمة بثلاث تأكيدات قائلا له “يا سمعان بن يونا أتحبني أكثر من هؤلاء … ارع خرافي” (يو15:21ـ17).

فيا أخي المرتد إن كنت قد تعرفت على سبب ارتدادك وتحرك الروح في داخلك وبكتك على فتور محبتك وعودتك إلى كورة الخنازير، اسلك إذن نفس الطريق الذي سلكته أولا عندما أتيت إلى أبيك نادما تائبا وهو مستعد أن يقبلك.

(3) أذكر محبة الله الفائقة:
أخشى يا أخي أن ما يبعدك الآن عن الله ويعمل على إبقائك في حياة الارتداد هو شعورك بأنك قد أخطأت إلى الرب وعوجت المستقيم أمامه وتحول هذا الشعور إلى رعب من مقابلة الرب وإلى ظنون خادعه بأن الرب قد رفضك ولن يغفر لك … ولكن:
* هل تظن أن محبة الله متغيرة ؟ تارة يحبك وتارة يبغضك ! أليس هو إله غير متغير؟ فكيف تكون محبته متغيرة ؟! أليس هو القائل “محبة أبدية أحببتك من أجل ذلك أدمت لك الرحمة” (إر3:31).
فاذكر هذا يا أخي ولا تتباعد عمن أحبك محبة أبدية فأدام لك الرحمة … ثم:

* هل محبة الله متقلبة ؟ عندما تكون سائرا معه يحبك وعندما تبتعد عنه يبغضك ! أليس هو مكتوب عنه “إن كنا غير أمناء فهو يبقى أمينا.” (2تى13:2).
لهذا كتب بولس الرسول قائلا “فماذا. إن كان قوم لم يكونوا أمناء أفلعل عدم أمانتهم يبطل أمانة الله ؟ حاشا” (رو3:3).
فاذكر يا أخي ثبات محبة الله ومشاعره من نحوك وأمانته في مواعيده وحبه لك … اذكر هذا واقبل إليه … ثم:
* هل محبة الله محدودة ؟ فلا تستطيع أن تغفر لنا إلا لحدود معينه ! وإن زادت الخطايا عن هذه الحدود عجزت محبة الله عن الغفران؟!
اسمع ما قاله رب المجد عندما “تقدم إليه بطرس وقال يارب كم مرة يخطئ إلى أخي وأنا أغفر له. هل إلى سبع مرات ؟ قال له يسوع : لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات” (مت21:18،22).
فالرب يطالبنا بأن نغفر لاخوتنا ( 7 × 70 = أي 490 مرة) في اليوم ونحن بشر محدودون. فكم مرة يغفر لنا وهو الإله غير المحدود؟ لا شك أنه غفران غير محدود صادر عن حب غير محدود!!
فلماذا تيأس من مراحم الله يا أخي؟ وهو قد “وضع عليه إثم جميعنا” (اش6:5) وقد صار “تأديب سلامنا عليه وبجراحاته شفينا” (اش5:53).

فارجع إلى من فداك وأحبك لأنه لا زال فاتحا ذراعيه ليقبلك متغاضيا عن كل ما صدر منك … هل تأتى ؟!
وأخيرا أضع أمامك حديث الرب لإرميا ليبلغه لأمثالك: “وتقول لهم هكذا قال الرب : هل يسقطون ولا يقومون. أو يرتد أحد ولا يرجع. فلماذا ارتد هذا الشعب … ارتدادا دائما … أبو أن يرجعوا … ليس أحد يتوب عن شره ؟!”

أخي كم أخشى أن تكون كواحد من هؤلاء فإن سقطت لا تريد أن تقوم وإذا ارتديت لا تريد أن ترجع … وإن أخطأت لا تريد أن تـتوب.
الرب في انتظارك لترجع إليه … قم فتخلص.
القس / مجدى خلة
فايبروواتس اب
009647502720873

Comments

comments

شاهد أيضاً

كنيسة يسوع؟؟؟!!!

كنيسة يسوع !! ? جاء للكنيسة شخص بهيئة فقيرة بدا انه متشرد .. تجول حولها …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

 
Chat  
RadioVOH FB page Chat Online
+