الرجل ذو الشعر الأبيض

FB_IMG_1636778534040.jpg

الرجل ذو الشعر الأبيض
ترجمتها عن الفرنسية / ليديا يعقوب ساويرس – تورنتو – كندا
بينما كان رجل من لندن يسير في شارع يُدعى “جورج” في سيدني باستراليا، اقترب إليه شخص خارجًا من زقاق مجاور، وأعطاه نبذة، وسأله: “إذا انتهت حياتك اليوم فهل ستذهب إلى السماء؟”
“لقد صُعقت من هذه الكلمات”. هذا ما قاله الرجل: “فلم يسألني أحدٌ قبلاً هذا السؤال على الإطلاق. وكنت طوال رحلة العودة إلى لندن أفكِّر فيما قاله. وذهبت لأُحدِّث صديقًا لي عن هذا الأمر، فقادني إلى المسيح”.
هذا الرجل صار فيما بعد مبشرًا. وبعد سنوات كثيرة – في مؤتمر باستراليا – سأل سيدة، كانت تستشيره عن أمر ما، عن بداية علاقتها بالمسيح، فقالت:
“كنت أعيش في سيدني باستراليا، ومنذ عدة شهور كنت عائدة إلى هناك، وبينما أنا أتسوَّق في شارع جورج، اتجه إليَّ رَجُلٌ كان يخرج من باب مجاور، وقدَّم إليَّ نبذة، وسألني: “إذا انتهت حياتِك في هذه الليلة، فهل ستذهبين إلى السماء؟” اندهشت، وذهبت إلى كنيسة مجاورة، وتحدّثت إلى خادم هناك، وهو بدوره قادني إلى المسيح.
لم يندهش المُبشِّر الإنجليزي لأنه قد اختبر نفس الشيء. وبعد المؤتمر ذهب ليعظ في بلدة تُدعى “بِرْث”. وبعد العظة دعاه الشيخ المسؤول عن الاجتماع ليتناول معه الطعام. وأثناء الحديث سأل المُبشِّر الشيخ عن كيفية خلاصه. فأجابه الشيخ:
“لقد نشأت في هذه الكنيسة لكن لم يحدث أبدًا أني سلمت حياتي للمسيح، وبينما أنا في رحلة عمل إلى سيدني استوقفني رجل ذو شعر أبيض خارجًا من ممرٍّ مجاور في شارع جورج، وأعطاني نبذة، وسألني: إذا انتهت حياتك اليوم فهل ستذهب إلى السماء؟ فأجبته: بأني شيخٌ في كنيسة، لكنه لم يُبال بهذه الإجابة. وعندما عدت إلى “بيرث” أخبرت القس عن سؤال هذا الشخص، فقادني إلى المسيح، وقال لي إنه كان يفكر كثيرًا في حقيقة علاقتي بالمسيح”.
استقل المبشر الإنجليزي الطائرة عائدًا إلى إنجلترا ليتكلم في جمعية تُدعى “كسفيك” في حي “البحيرة”، وذكر هذه الاختبارات عن الرجل ذو الشعر الأبيض في شارع جورج بسيدني. وفي نهاية الاجتماع تقدَّم أربعة شيوخ رعاة وقالوا له: لقد خلُصنا منذ أكثر من 25 سنة عن طريق هذا الرجل ذو الشعر الأبيض ذاته، في شارع جورج بسيدني.
وطار هذا المُبشِّر إلى جزر الكاريبي لحضور مؤتمر آخر هناك، وتحدث أيضًا عن كيف خلص هو وآخرين بسبب عمل هذا الرجل في شارع جورج. وبعد العظة تقدَّم إليه ثلاثة مُرسلين، وقالوا لقد خلُصنا نحن أيضًا منذ أكثر من خمسة عشر عامًا عن طريق ذات الرجل في شارع جورج.
ترك المُبشر جزر الكاريبي وانطلق إلى أتلانتا في جورجيا ليتكلَّم في مؤتمر للخدام. وأثناء الغذاء مع قسّ مسؤول هناك، سأله المُبشر عن كيفية خلاصه. فكانت إجابته:
“إنها فعلاً معجزة. لقد كنت على متن سفينة أمريكية في المحيط الهادي. ونزلنا في سيدني. وكعادتنا نحن البحارة فإننا نحتسي الخمر ونسكر. فدخلنا في الأتوبيس الخطأ. وانتهى بنا المطاف إلى شارع جورج. وبينما أنا أترنَّح لأنزل من الأتوبيس، فوجئت برجل ذو شعر أبيض يُقدّم لي نبذة، ويسألني: أيها البحار، إذا انتهت حياتك هذه الليلة، فهل ستذهب إلى السماء؟ صدمني الخوف من الله وأيقظني. وتحدثت إلى القسّ، وهو بدوره قادني إلى المسيح. انطلقت إلى الخدمة، وأنا اليوم مسؤول عن إرسالية بها 1000 خادم، كلهم مُثقلون بربح النفوس.
بعد ستة أشهر ذهب المُبشر الإنجليزي إلى مؤتمر به 5000 مُرسَل هندي في شمال الهند. وفي نهاية المؤتمر أخذه المُرسل الهندي المسؤول للعشاء في بيته المتواضع. وأثناء تناول الطعام سأله المُبشر: كيف أتيت أيها الهندوسي إلى المسيح؟ فأجابه:
“إنني أسافر حول العالم في بعثات دبلوماسية تابعة للهند. وبينما أنا في سيدني، كنت أتسوَّق في آخر ساعة لأشتري بعض الهدايا لعائلتي. وأثناء سيري في شارع جورج، تقدَّم نحوي رجل ذو شعر أبيض وسألني عما إذا كنت سأذهب إلى السماء إذا ما انتهت حياتي على الأرض اليوم، وأعطاني نبذة مسيحية. شكرته على النبذة، لكن سؤاله أزعجني. وعندما عدت إلى الهند، ذهبت إلى كاهن هندوسي، فلم يستطع أن يساعدني، لكنه أشار عليَّ بأن أذهب إلى مُبشر القرية. وبالفعل تحدثت إليه، فقادني إلى المسيح. تركت الهندوسية، وتركت العمل الدبلوماسي، وبدأت أدرس الكتاب المقدس. والآن بنعمة الله فإنني المسؤول عن هذه الإرسالية التي بها كل هؤلاء المُبشرين والمُرسَلين، ونحن نربح الآلاف للمسيح”.
بعد ثمانية أشهر أخرى ذهب هذا المُبشر الإنجليزي ليعظ في سيدني، وسأل الخادم هناك عما إذا كان يعرف شخصًا متقدمًا في العمر، ذو شعر أبيض، ويوزع نبذات في شارع جورج. فأجابه: نعم واسمه “جينور”، لكنه لم يعد قادرًا على ذلك الآن إذ هو ضعيف جدًا. لكن المُبشر أراد أن يقابله، فذهبا معًا إلى منزله، وأخبره المُبشر عن قصة تجديده هو شخصيًا، وعن كل الأشخاص الذين كان هو سببًا في خلاصهم.
كان الرجل يستمع والدموع تسيل على وجنتيه بغزارة. ثم ابتدأ يحكي قصته هو قائلاً:
“لقد كنت بحارًا بائسًا يائسًا على متن سفينة استرالية حربية. وفي إحدى الأزمات العصيبة كان هناك واحدًا من زملائي مسيحيًا، وكنت أسخر منه كثيرًا، لكنه كان مستعدًا لمساعدتي دائمًا، وقادني إلى الرب يسوع. وتغيَّرت حياتي من الظلام إلى النور. كنت شاكرًا وممتنًا جدًا لله، وواعدته أن أقدم شهادة بسيطة عن الرب يسوع لعشرة أشخاص يوميًا، على الأقل. ولقد أعطاني الله القدرة لأفعل ذلك لمدة تزيد عن الأربعين سنة. وعندما تقاعدت عن العمل، شعرت أن أفضل مكان لتقديم رسالة الإنجيل هو شارع جورج حيث يمرّ هناك مئات الأشخاص يوميًا. كثيرون كانوا يرفضون نبذاتي، لكن كثيرون أيضًا كانوا يقبلونها بلطفٍ. وكما تعلمان، إنني بعد أن قضيت أربعين سنة أتكلَّم عن محبة المسيح، لم أشهد إذا ما كان أحدًا قد أتى إليه بهذه الطريقة حتى هذا اليوم”.
لا يعلم إلا الله عدد الناس الذين خلصوا عن طريق هذا الرجل ذو الشعر الأبيض. وما اكتشفه المُبشر الإنجليزي ليس سوى القمة الظاهرةة فوق سطح البحر لهذا الجبل الجليدي الضخم.
أحبائي المؤمنين: ألا تُحركنا هذه الشهادة لنكلّم من حولنا عن الخلاص العظيم الذي يُقدمه الله للكل عن طريق الرب يسوع المسيح. إن الله ساهر على كلمته، ويريدنا أن ننشر كلمة الحياة هذه بلا حساب «اِرْمِ خُبْزَكَ عَلَى وَجْهِ الْمِيَاهِ فَإِنَّكَ تَجِدُهُ بَعْدَ أَيَّامٍ كَثِيرَةٍ» (جا11: 1).
القس / مجدى خلة.

Comments

comments

شاهد أيضاً

دوافع الخدمة اية؟؟؟

تحديد سبب ودافع الخدمة التي أقوم بها أمر هام جدًا. كذلك معرفة المواهب الموجودة عندي …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

 
Chat  
RadioVOH FB page Chat Online
+