الصعاب
«صَارَ كُلُّ هَذا علَيَّ!»
«صَارَ كُلُّ هَذا علَيَّ!» .. هذه جملة نجدها في فم كل إنسان في الوقت الحاضر، وهي في معظم الحالات تُعبِّر عن حقيقة واقعة لأن الصعاب تزداد يومًا بعد يوم في هذا العالم الذي ينضج سريعًا للدينونة.
ولكن لنتذكر أن الصعاب لا وجود لها عند إلهنا، بل بالعكس «هوَ يفعَلُ كمَا يشَاءُ في جُند السَّماء وسُكَّانِ الأَرضِ، ولاَ يُوجَدُ مَن يمنَعُ يدَهُ أَو يقولُ لهُ: ماذا تفعَلُ؟» ( دا 4: 35 )، «مَن ذَا الذي يَقولُ فيكونَ والرَّبُّ لَم يأمُر؟» ( مرا 3: 37 ).
على أنه ليس غريبًا أن توجد الصعاب في عالم يفتخر بحكمته وبموارده. ونستطيع أن ندرك جيدًا وجود صعاب كالجبال أمام الشخص الذي يعيش بالاستقلال عن الله؛ بلا إله. ولكن ليس هكذا الحال معنا، لأن صعابًا كهذه لا وجود لها أمام إيماننا، كما أن لا وجود لها أمام إلهنا، إذ إن الإيمان يوقن بأن الله سيتداخل في كل ظروفنا، فيُرتبها على أحسن حال. وهل يوجد شيء واحد عسير على الله الذي يُحبنا؟ أ لم يُخلِّص إلهنا راحاب الزانية بينما كان بيتها بحائط سور المدينة؛ ذلك السور الذي سقط وتحطم في اليوم الذي خَلَصت فيه؟
أَوَ لم يدخل يشوع وكالب أرض الموعد بينما كان في الأرض جبابرة عظام، كانا أمامهم كالجراد؟ حقًا إن دخول الأرض كان صعوبة كبرى، بل أمرًا مستحيلاً أمام الجواسيس العشـرة، ولكنه لم يكن صعوبة أمام الإيمان، ولا أمام الله الذي يُكرم الإيمان.
لقد كان يوسف في أعماق السجن، مجهولاً من الجميع، ومَنسيًا حتى من رئيس السقاة الذي كان أولى من غيره أن يتذكَّره، فكيف يمكن له الخروج من ذلك السجن؟ حقًا إنها صعوبة كبرى، بل أمر مستحيل، ولكن ليس لدى الله الذي أعطاه الأحلام والمواعيد. ولنتأمل يوسف راكبًا في مركبة فرعون، ومُجتازًا في أرض مصـر، والمصـريون راكعون أمامه، فنتحقق أن لا صعوبة تقوم أمام الله.
إن الصعاب لا وجود لها أمام رجال الإيمان، وإنما قد تُعرَض لهم لمجرَّد تغذية إيمانهم وتقويته. حقًا إن الأزمنة صعبة، وبذلك يُعطينا الرب فرصة لنُظهِر أنه يُمكننا أن نُلقي بأنفسنا بين يديه، وإننا لسنا مثل الآخرين الذين ليس لهم هذا الإيمان، ولذلك يستسلمون لليأس. ولكن لنُصدِّق إلهنا، ولنؤمن بكل تأكيدات كلمته التي كُتبت لأجلنا، وحينئذٍ لن تجري كلمة ”صعاب“ على ألسنتنا، ولن تأتي لتُعكِر صفو سلامنا، أو تقطع شركتنا مع الله.
القس / مجدى خلة
فايبر وواتس اب
009647502720873