الضغوط النفسيه و الصدمات

FB_IMG_1575747757983.jpg

الضغط النفسي والصدمة النفسية

من المعروف بأن التعرض لمواقف صادمة مثل العنف السياسي, و العائلي, والمجتمعي, و الحروب قد تؤدى إلى أعراض نفسية مختلفة مثل القلق, و كرب ما بعد الصدمة, والاكتئاب, و الأدمان على المخدرات, والكثير من الامراض النفسية الآخرى.و هناك علاقة مباشرة ما بين الصدمة النفسية و ردود الفعل عليها و هي نتاج التفاعل الطبيعي بين الفرد و البيئة المحيطة فيه . ولقد اعتمدت البحوث السابقة في الصدمات النفسية على نظريات التحليل النفسي للمدرسة الفرويدية و ما تبعها من مدارس، بينما اعتمدت بحوث الضغط النفسي بدرجة كبيرة على النظريات الادراكية و التصرفية في الإنسان.
وتختلف وجهات النظر في الصدمة النفسية و الضغط النفسي، وطبيعة العملية النفسية التي تعقب التعرض هذه الصدمة بين نظرية التحليل النفسي لفرويد و أتباعه والنظرية الإدراكية لهوروفيتس في فهم مصدر العلاقة بين الصدمة و ردود الفعل عليها، وكذلك التطرق للعوامل الاجتماعية التي تكون وسيطاً بين الصدمة النفسية والعمليات النفسية

تعريف الضغط النفسي:
احد المشاكل الأساسية في تعريف مصطلح ” الضغط النفسي” تكمن في أنه يمكن استخدامه لوصف مواقف مختلفة. و أنه يمكن استخدامه لوصف موقف غير سار, أو حدث محزن والذي يمكن أن يكوّن ضغطاً نفسياً، وكذلك يمكن استخدامه كمصطلح لردة الفعل التصرفية والفسيولوجية عند تعرض الإنسان لخبرة سيئة ومحزنه. وكذلك يمكن وصف هذا المصطلح على أنه عدم توافق الإنسان مع بيئته. كل واحد من هذه المصطلحات سوف يتم التطرق له في الفصل الحالي. و يمكن تعريف الضغط Stress على أنه حدث سار و ايجابي بقدر تأقلم الشخص و مفهومه لهذا الضغط النفسي و هو بهذا يختلف عن مصطلح Distress و هو الكرب و يعني الضغط النفسي السلبي.

نظرية الضغط النفسي كمحفز Stress as a stimulus
تُعرّف هذه النظرية الضغط النفسي بتعريفات نابعة من علم الفيزياء, وهي ترتكز على أساس اعتبار الضغط النفسي محفزا تتشابه مع المظاهر البيئية المحيطة بالفرد, و التي لها مؤثرات جانبية علي الفرد. وهذه النظرية تٌعتبر من النظريات البسيطة. و هي ترتكز على وجود المحفزات الخارجية ، و تعكس هذه النظرية الفكرة القائلة “بأن كل إنسان له قدرة معينة ثابتة على تحمل الضغوط النفسية اليومية المختلفة, وإذا زادت هذه الضغوط عن حد التحمل ،فسوف تحدث اعراض نفسية و جسدية كردود فعل
و لقد صدرت العديد من البحوث والدراسات التي حاولت التعرف علي المواقف المؤدية للضغوط النفسية, ومحاولة معرفة سبب ردود الفعل النفسية و الجسدية . ومعظم هذه الدراسات ركزت على بيئة العمل، و العديد من الخصائص الفيزيائية الموجودة مثل “الضوضاء و الحرارة ” وكذلك الحاجات المهنية في العمل، والمواقف التي يكون فيها العمل تحت ضغط زمني محدد, والكثير يعتبر أن بعض الأعمال قد تؤدي إلى الضغط النفسي. كذلك يمكن أن يكون للرتابة والعزلة في العمل تأثيرات نفسية سلبية على الشخص, و كذلك المواقف التي يفقد فيها الإنسان السيطرة عليها تعتبر من الضغوط النفسية. وهكذا يمكن أن تعتبر البيئة سبباً للضغوط النفسية ، وقد تكون مواصفات هذه البيئة غير كافية لتحديد ما إذا كانت هذه البيئة مسببة للضغط النفسي أم لا.
هنالك العديد من المشاكل في هذه النظرية مثل:
ا- أن العديد من المواقف لا تعد من الضغوط النفسية، وهنالك فروق كبيرة فى الآثار النفسية و الجسدية لكل نوع من الضغوط النفسية المختلقة.
ب- هنالك العديد من الفروقات الشخصية في الأشخاص المتعرضين للضغوط النفسية و في ردة الفعل لهذه البيئة فهنالك أشخاص يتأثرون بمعدل منخفض من هذه الضغوط النفسية بينما آخرون يحتاجون إلى درجات أعلى من الضغوط النفسية.
ج- هنالك فروق في ردة فعل الشخص في كل مرة يتعرض لها لحدث جديد.
نظرية الضغط النفسي كردة فعل STRESS AS A RESPONSE
تطورت هذه النظرية من خلال عمل العالم ” سيلي 1956 ” الذي اعتبر الضغط النفسي على أنه “ردة الفعل العامة للكائن الحي للحاجات البيئية المختلفة”. و كانت فكرة سيلي تدور حول فكرة أن ردة الفعل العامة للضغط النفسي هي عبارة عن عملية موروثة, وتحدث عندما يرتبط الكائن الحي بحاجاته اليومية. وهكذا يمكن اعتبار ردة الفعل العامة على أنها ردة فعل دفاعية والتي لها دور الحماية والتكيف للشخص في الظروف الصعبة. و لقد وصف ” سيلي ” هذه الظاهرة من خلال ثلاث مراحل عرفها ” بـظاهرة التكيف العام ” General Adaptation Syndrome. شكل رقم 1.
وردود الفعل علي الضغوط النفسية تشمل:
1) ردة الفعل التحذيرية alarm reaction والتي تتميز عادة بارتفاع في هرمونات الأدريبنالين و النور ادرينالين و يصاحبها أعراض نفسية و جسدية مثل الشعور بالخوف الشديد, و التحفز, وزيادة في ضربات القلب, و زيادة في العرق, و الرعشة الشديدة, و توسع في حدقة العين,
2) مرحلة المقاومة resistance stage والتي يحدث فيها توازن ما بين إفراز الهرمونات و ردود الفعل النفسية و الجسدية و التي تجعل الفرد قادرا على التكيف,
3) المرحلة النهائية ” الانهاك ” “exhaustion” والتي يحصل فيها نضوب في إفراز الهرمونات المختلفة و يحدث فيها تهتك في خلايا الغدد الفوق الكظرية التي تفرز مثل تلك الهرمونات و تؤدي للشعور بالتعب العام, و الإنهاك الشديد.
و لكن هناك نقد لنظرية سيلي لأنه يصور الضغط النفسي على أنه ردة فعل غير محددة وتلقائية لكل المنبهات متضمنة كل الحالات المرضية. وكذلك هذه النظرية لا توضح اختلاف أوجه ردة فعل الجسدية تجاه المرض الجسمي المعتمدة على طبيعة الإنسان والإطار الذي يحدث به المرض. المشكلة الرئيسية في هذا المنهج هو ما الذي يجعل من المحفز ضغطاً نفسياً يعتمد على عدة نواتج من مواصفات الشخص الذي يتعرض لهذا الحافز والذي يتسم باختلافات شخصية كثيرة؟ (Hobfoll & Cohen, 1996; Lazarus, 1999) .
تعريف الضغط النفسي كتهديد مباشر Stress as a perceived threat
يجمع هذا المنظور للضغط النفسي بين كل من المحفز وردة الفعل معا,ً وله عدة مساوئ مقارنة بالمنظورين السابقين. وأفضل من استخدم هذا المنظورهو العالم ” Lazarus ” في عام 1976, 1984,1980, 1999, ويوضح لازروس في منظوره بأن الضغط النفسي ينشأ عندما لا يستطيع الإنسان التكيف مع احتياجاته الفردية المختلفة, ولذلك فإن الضغط النفسي ينشأ عندما يقوم الشخص بعملية تقويم و إدراك للموقف الذي يهدده ولا يكون مصاحبا لمحفزات محددة و ردود فعل معينة.
يعتمد هذا التقويم على اختبار الحاجات الأساسية للفرد في المواقف الضاغطة المختلفة, و كذلك طرق التأقلم و التكيف التي يستخدمها الفرد للتعامل مع الضغوط النفسية المختلفة. و هذا يفسر الاختلافات بين الأشخاص في الإستجابة للضغوط النفسية المختلفة. و من هنا يتضح بأن شدة التهديد لحياة الشخص تعتمد على مشاعر و قدرة الفرد على التعامل الصحيح مع هذا التهديد. و لذلك فإن المواقف التي يتم تفسيرها من الشخص على أنها مهدده لكينونة الشخص فيمكن أن تؤدي إلى التنبيه العاطفي الشديد, و المحاولات السلوكية المتعدده للتأقلم مع الموقف مصحوبه بعدد من التغيرات الفسيولوجية المختلفة مثل العرق الشديد, و سرعة ضربات القلب, و ضيق التنفس, و توسع في حدقة العين.
يعطينا هذا المنظور إطاراً واقعياً لفهم عملية الضغط النفسي البشري، و عليه فإنه في حالة التعرض للضغط النفسي فإن ردة الفعل للكائن الحي هي ردة فعل حسية وذات نظام عالٍ
و ليست تلقائية لبعض المثيرات البيئية وذات نظام عال لتعكس وتقيم هذه المواقف
‏(Janoff-Bulman & Frieze, 1987).
ومن ناحية أخرى فقد لخص العالم Cox (1987) هذه النظرة للضغط النفسي فيما يلي: “يمكننا تعريف الضغط النفسي على أنه ظاهرة مرئية تنتج من مقارنة بين حاجة الشخص وقدرته على التكيف مع هذه الحاجات” . و أفاد هذا العالم بأنه إذا كان هناك عدم توازن في هذه المعادلة فإن هذا سيؤدي إلى حدوث ردة فعل وهي الضغط النفسي وهذا يعني محاولة التكيف مع مصدر الضغط النفسي على الناحيتين النفسية والعضوية.
أنواع الضغوط النفسية
لقد وصف عدة علماء الضغوط النفسية و قاموا بوصف هذه الضغوط على حسب تأثيرها على الشخص و ردود الفعل عليها و لكن علماء مثل (Lazarus and Cohen, 1980) صنفوا أنواع الضغوط النفسية كالتالي:
1– الضغوطات النفسية التي تؤثر على مجموعة كبيرة من الأفراد: وهي ضغوط عامة مثل الكوارث الطبيعية ، والحروب ، والتفرقة العنصرية ، والطرد الجماعي (التهجير القسري ), و التطهير العرقي.
2– الضغوطات التي تؤثر على شخص واحد أو مجموعة صغيرة من الأفراد: مثل فقدان أحد أفراد الأسرة، والمرض الشديد المزمن مثل السرطان و تليف الكبد, ، وفقدان المأوى، و موت شخص محبوب وعزيز, و التعرض للأغتصاب, و السرقة بالأكراه, و حوادث السيارات, و العنف المجتمعي, و الأسري.
3– الضغوط الاجتماعية الحياتية: مثل الفقر ، و فقدان العمل, و التوقف عن التدخين ، والمشاكل الأسرية ، والمشاكل الزوجية ، ومشاكل العمل التي لها علاقة بالترقيات و الحوافز و المسؤوليات.
و لكن هل كل الضغوط النفسية تؤدي إلى الصدمة?, لقد أتفق العلماء على أن النوع الأول و الثاني فقط هي التي قد تؤدي للصدمات النفسية و من هنا يأتي الحديث عن الصدمات النفسية.
القس / مجدى خلة
فايبر وواتس اب و الايمو
٠٠٩٦٤٧٥٠٢٧٢٠٨٧٣

Comments

comments

شاهد أيضاً

ولادته يسوع

وَلَمَّا وُلِدَ يَسُوعُ فِي بَيْتِ لَحْمِ الْيَهُودِيَّةِ، فِي أَيَّامِ هِيرُودُسَ الْمَلِكِ، إِذَا مَجُوسٌ مِنَ الْمَشْرِقِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

 
Chat  
RadioVOH FB page Chat Online
+