سلسلة الله فى الظروف الصعبة
صلاة إيليا1
كان ايليا انسانا تحت الآلام مثلنا وصلّى صلاة ان لا تمطر فلم تمطر على الارض ثلاث سنين وستة اشهر.
( رسالة يعقوب 5: 17)
أرملة صرفا وصلاة إيليا
( الملوك الأول 17: 8 – 24 (
غراب صغير و نهر صغير و امراه ارملة
لماذا سمع اللّه لإيليا؟
(1) أول ما جعل صلاة النبي إيليا مُستجابة، أنه بناها على موعدٍ أعطاه اللّه له، فقد أمره اللّه أن يلتقي بالملك أخآب ليقول له إن السماء ستمطر. وجعل إيليا هذا الوعد مسنَداً له يتكئ عليه ويطلب من اللّه بِناءً عليه أن ينزل المطر. والكتاب المقدس عامر بمواعيد اللّه لنا. يقول السيد المسيح: « اِسْأَلُوا تُعْطَوْا. اُطْلُبُوا تَجِدُوا. اِقْرَعُوا يُفْتَحْ لَكُمْ » (متى 7:7). وكلنا نذكر كيف صلى زكريا طالباً من اللّه أن يعطيه ولداً، فأرسل اللّه له ملاكاً يقول: « يا زكريا طلبتك سُمعت، وامرأتُك أليصابات ستلد لك ابناً، وتسميه يوحنا، ويكون لك فرح وابتهاج، وكثيرون سيفرحون بولادته » (لوقا 1:13 ، 14). ولا عجب أن قال نبي اللّه داود: « لِكَلِمَاتِي أَصْغِ يَا رَبُّ. تَأَمَّلْ صُرَاخِي. اسْتَمِعْ لِصَوْتِ دُعَائِي يَا مَلِكِي وَإِلهِي، لِأَنِّي إِلَيْكَ أُصَلِّي. يَا رَبُّ، بِالْغَدَاةِ تَسْمَعُ صَوْتِي. بِالْغَدَاةِ أُوَجِّهُ صَلَاتِي نَحْوَكَ وَأَنْتَظِرُ» (مزمور 5:1-3).
أيها القارئ الكريم، طالب الربَّ بمواعيده فسيستجيبَ لك حتماً.
(2) واستجاب اللّه صلاة النبي إيليا، لأن النبي كان ينتظر بركات روحية. صحيح أنه طلب مطراً لتُعطي الأرض ثمراً، ولكنه في الوقت نفسه كان يرى أن الجدب والجفاف كانا نتيجةً للخطية والابتعاد عن اللّه، وكان لا بد أن يقود بني إسرائيل إلى التوبة حتى ينزل المطر. فمتى أرسل اللّه مطراً يدركون أن البركة هي من عند اللّه. ويقول لنا الإنجيل المقدس: « أَعَلَى أَحَدٍ بَيْنَكُمْ مَشَقَّاتٌ؟ فَلْيُصَلِّ. أَمَسْرُورٌ أَحَدٌ؟ فَلْيُرَتِّلْ. أَمَرِيضٌ أَحَدٌ بَيْنَكُمْ؟ فَلْيَدْعُ شُيُوخَ الْكَنِيسَةِ فَيُصَلُّوا عَلَيْهِ وَيَدْهَنُوهُ بِزَيْتٍ بِاسْمِ الرَّبِّ، وَصَلَاةُ الْإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ فَعَلَ خَطِيَّةً تُغْفَرُ لَهْ » (يعقوب 5:13-15).
(3) واستجاب اللّه صلاة النبي إيليا لأنه كان يفكر في غيره ويدعو اللّه لأجل الآخرين. كان اللّه قد أعال نبيه وأطعمه بمعجزات متنوعة، ولكنه هنا كان يطلب لصالح الشعب. والإنجيل يأمرنا أن تُقام طِلبات وصلوات وابتهالات وتشكُّرات لأجل جميع الناس (1تيموثاوس 2:1) وهذا يعلّمنا أن نصلي بعضُنا من أجل بعض. وتقول التوراة إن الرب ردَّ سبي أيوب لما صلى من أجل أصحابه، وزاد الرب على كل ما كان لأيوب ضعفاً (أيوب 42:10). جميل أن نصلي من أجل بلادنا ومن أجل عائلاتنا ومن أجل حُكَّامنا، فقد علَّمنا المسيح أن نصلي قائلين: « أبانا الذي في السموات » فهو أبونا كلنا. صل من أجل غيرك، ولا تركّز كل طلباتك في الصلاة لأجل نفسك.
(4) واستجاب اللّه صلاة إيليا، لأنها كانت صلاةً حارة من كل قلبه. عندما طلب نزول المطر قال: « استجبني يا رب استجبني ». وعندما طلب نزول النار من السماء صلى سبع مرات صلوات عميقة وحارة. يطالبنا الإنجيل أن نكون حارين في الروح، عابدين الرب (رومية 12:11).
(5) واستجاب اللّه صلاة إيليا لأنها كانت صلاة متواضعة. تقول التوراة إنه خرَّ على الأرض وجعل وجهه بين ركبتيه. لقد وقف منتصباً في شجاعة أمام الملك أخآب، لكنه ارتمى على الأرض ساجداً أمام اللّه، والقلب المنحني أمام اللّه هو الذي ينال البركة، والنفس المنكسرة قدامه هي التي تتمتع باستجابة الصلاة.
(6) واستجاب اللّه صلاة إيليا لأنها كانت صلاةً بإيمانٍ، تنتظرُ الاستجابة، وقد قال المسيح لنا: « كُلُّ مَا تَطْلُبُونَهُ حِينَمَا تُصَلُّونَ، فَآمِنُوا أَنْ تَنَالُوهُ، فَيَكُونَ لَكُمْ » (مرقس 11:24). واستجاب اللّه صلاة إيليا ونزل المطر من السماء. فليعطنا اللّه أن نصلي 11:24).. دائماً بانتظار استجابة الصلاة.
الغربان تعول إيليا:
توقَّف نزول المطر بناءً على صلاة إيليا، وبدأت الأرض تعاني من الجفاف. تُرى مَن يعول إيليا وقت المجاعة؟ تقول التوراة إن اللّه أصدر أمره إلى إيليا: »انْطَلِقْ مِنْ هُنَا وَاتَّجِهْ نَحْوَ الْمَشْرِقِ، وَاخْتَبِئْ عِنْدَ نَهْرِ كَرِيثَ الَّذِي هُوَ مُقَابِلُ الْأُرْدُنِّ، فَتَشْرَبَ مِنَ النَّهْرِ. وَقَدْ أَمَرْتُ الْغِرْبَانَ أَنْ تَعُولَكَ هُنَاكَ« (1ملوك 17:3 ، 4) فانطلق النبي إيليا وعمل حسب كلام الرب، وذهب فأقام عند نهر كريث الذي هو مقابل الأردن (ولعله هو المعروف اليوم باسم فصيل، شرق الأردن). كانت الغربان تأتي للنبي إيليا بخبز ولحم صباحاً وبخبز ولحم مساءً، وكان يشرب من النهر… يا للمعجزة
وكم كان غريباً أن يطعم اللّه نبيه بأمْر الغربان أن تعوله، فكانت الغربان تأتي إلى إيليا بخبز ولحم صباحاً وبخبز ولحم مساء، وكان يشرب من ماء نهر كريث. يوماً بعد يوم، ظلت الغربان تجيء بالطعام إلى إيليا. لا شك أنه كان ينتظر في مطلع كل يوم أن تجيء الغربان إليه حاملة طعامه. ترى هل تساءل إيليا يوماً: هل ستجيئني الغربان بالخبز واللحم هذا المساء، أو هل ستتوقَّف عن أن تطعمني؟ ربما سأل هذا السؤال، لكن المهم أن اللّه عاله، وكلَّف تلك الطيور التي تخطف أن تخدم خادمه. وعندما نصلي نحن الصلاة الربانية قائلين: »خُبْزَنَا كَفَافَنَا أَعْطِنَا الْيَوْمَ« (متى 6:11) ندرك أن إلهنا يدبّر كل ما نحتاج إليه.
ونلاحظ أن اللّه قال لإيليا: »أمرتُ الغربان أن تعولك هناك«. وكلمة هناك مهمة، لأنها تحدد المكان الذي يريد اللّه أن يكون نبيُّه فيه. وأنت، عندما تطيع اللّه وتتواجد في المكان الذي يريدك أن تكون فيه، عندها يعولك ويضمن احتياجاتك، لذلك قال السيد المسيح: »اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللّهِ وَبِرَّهُ، وَهذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ« (متى 6:33). وعندما تطلب بر اللّه وملكوته سوف يزيد اللّه لك البركات التي تحتاج إليها.
النهر يجف:
وبعد مدة من بقاء إيليا بجوار نهر كريث، تقول التوراة إن النهر يبس بسبب عدم هطول المطر. لقد جفَّت مراعي الجبال، وكأنَّ ألسنة نيران اندلعت فأفنَتْها، ولم يعد الندى يبلّل الأرض. ترى ماذا جال في خاطر إيليا في ذلك الوقت؟ لا بد أنه كان ينتظر اللّه صامتاً، يفعل ما قاله المرنم في مزموره: كان يسكّت نفسه كفطيم نحو أمه (مزمور 131:2) وهو يقول: »إِنَّمَا لِلّهِ انْتَظِرِي يَا نَفْسِي، لِأَنَّ مِنْ قِبَلِهِ رَجَائِي« (مزمور 62:5). عندما تيبس كل الأنهار، يريد اللّه أن يعلّمك أن تتكل على شخصه وليس على عطاياه، ويريدك أن تدرك أن سواقي اللّه ملآنة ماء (مزمور 65:9). فتُلقي اتكالك بالتمام عليه وعلى حكمته. وتختبر معنى قول السيد المسيح: »كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الْأَبَدِ« (يوحنا 4:13 ، 14).
أحياناً نطمئن إلى وضع معيَّن ونستقر عليه، ويريدنا اللّه أن نعتمد عليه وحده. ترى ماذا تفعل لو أنك واجهت مثل هذا الموقف الذي واجهه إيليا؟ هل تظن أن اللّه نسيك؟ هذا ما لم يحدث مع إيليا، ففي الوقت المناسب تماماً أصدر اللّه أوامره مرة أخرى إلى نبيّه، وهو دوماً يرشد الذين يحبونه في الموعد المناسب ليتخذوا القرار المناسب. فتقول التوراة إنه »بعد مدة من الزمان يبس نهر كريث، لأنه لم يكن هناك مطر«. وجعل إيليا يرقب هذا النهر وهو ييبس أسبوعاً بعد أسبوع. ولا بد أن الشكوك هاجمته، ولكنه لم يسمح لظروفه أن تعطّل إيمانه. صحيح أن الشك ينظر إلى اللّه من خلال الظروف، أما الإيمان فإنه يضع اللّه بينه وبين الظروف. الإيمان ينظر إلى ظروفه عن طريق اللّه
أرملة تعول إيليا:
وفي الموعد المناسب أمر اللّه نبيه إيليا: »قُمِ اذْهَبْ إِلَى صِرْفَةَ الَّتِي لِصَيْدُونَ وَأَقِمْ هُنَاكَ. هُوَذَا قَدْ أَمَرْتُ هُنَاكَ أَرْمَلَةً أَنْ تَعُولَكَ« (1ملوك 17:9) فأطاع إيليا فوراً. ولما وصل إلى باب المدينة رأى أرملة تقشُّ عيداناً فناداها وقال: »هاتي لي قليل ماء في إناء لأشرب« ربما نظن أن النبيَّ إيليا التقى بها من باب الصدفة، لكن ليس عند اللّه صدفة، فإن ما تراه العين البشرية صدفة تراه عين الإيمان تدبيراً من العناية الإلهية، ولا شك أن اللّه كان قد دبَّر قدوم الأرملة لتلتقي بإيليا، لأن اللّه كان قد قال له: »هوذا قد أمرتُ هناك أرملة لتعولك«. ولعل هذا هو السبب الذي جعلها تطيع أمر إيليا، فتذهب في صمت وهدوء لتأتي إليه بكأس ماء بارد. ووجد النبي في قبول الأرملة لطلبه ما شجَّعه أن يطلب منها أيضاً أن تأتيه بكسرة خبز. وكان هذا طلباً متواضعاً، ولكنه حرَّك أوجاعاً كامنة في نفس المرأة، فلم يكن لديها كسرة خبز، بل كان كل ما تمتلكه ملء كف من الدقيق وقليل من الزيت، كانت تريد أن تعمل منه كعكة لها ولابنها ثم يموتان جوعاً. ولكن إيليا المؤمن قال للمرأة: »لَا تَخَافِي. ادْخُلِي وَاعْمَلِي كَقَوْلِكِ، وَلكِنِ اعْمَلِي لِي مِنْهَا كَعْكَةً صَغِيرَةً أَوَّلاً وَاخْرُجِي بِهَا إِلَيَّ، ثُمَّ اعْمَلِي لَكِ وَلاِبْنِكِ أَخِيراً. لِأَنَّهُ هكَذَا قَالَ الرَّبُّ إِلهُ إِسْرَائِيلَ: إِنَّ كُوَّارَ الدَّقِيقِ لَا يَفْرُغُ، وَكُوزَ الّزَيْتِ لَا يَنْقُصُ، إِلَى الْيَوْمِ الَّذِي فِيهِ يُعْطِي الرَّبُّ مَطَراً« (1 ملوك 17:13 و14).
إننا نقف في انذهال أمام عظمة إيمان النبي إيليا في توجيه الرب له: »أمرت أرملة أن تعولك« – ولا شك أن الأرملة لن تعول إيليا بما عندها، لكن بما يعطيه الرب لها. ولما كان كل ما عندها قليل من الدقيق، وقليل من الزيت، فإن اللّه لا بد أن يبارك في هذا القليل ليكون كثيراً. وينقلنا هذا إلى مشهد أقام فيه المسيح وليمة أطعم فيها خمسة آلاف بخمس خبزات وسمكتين، إذ أخذ وبارك وأعطى تلاميذه ليوزّعوا على الجموع، فوجد كل إنسان احتياجه، وأكل بحسب ما احتاج. وهذا ما حدث مع الأرملة التي أطاعت نداء اللّه، فإن كُوَّار الدقيق لم يفرُغ، وكوز الزيت لم ينقص حسب قول الرب الذي تكلم به بواسطة إيليا.
ونقف أيضاً في انذهال أمام عظمة إيمان الأرملة التي قالت لإيليا: »حي هو الرب إلهك«. إنها تعلم أن الإله الذي أرشد إيليا هو الإِله الحقيقي وهو الإِله الحي. ففي وسط الظلمة التي سادت البلاد في عبادة الأوثان، وُجدت تلك السيدة التقية التي علمت أن اللّه حي وموجود، يستطيع أن يعمل المعجزة ويدبّر، لأنه إله المستحيلات. إن لم تنفع الطرق العادية لتساعدنا، فإن اللّه يدبّر لنا احتياجنا بطرق معجزية، والمطلوب منا أن نحيا حياة الطاعة للّه.
وأنت أيها القارئ، عندما تقول »إن الرب حي« كَرِّرْها لأنك تؤمن بها، ولأنك تدرك أن إلهك الحي يدبر احتياجاتك. وما أجمل ما قال السيد المسيح: »لَا تَهْتَمُّوا لِحَيَاتِكُمْ بِمَا تَأْكُلُونَ وَبِمَا تَشْرَبُونَ، وَلَا لِأَجْسَادِكُمْ بِمَا تَلْبَسُونَ. أَلَيْسَتِ الْحَيَاةُ أَفْضَلَ مِنَ الطَّعَامِ، وَالْجَسَدُ أَفْضَلَ مِنَ اللِّبَاسِ؟ اُنْظُرُوا إِلَى طُيُورِ السَّمَاءِ: إِنَّهَا لَا تَزْرَعُ وَلَا تَحْصُدُ وَلَا تَجْمَعُ إِلَى مَخَازِنَ، وَأَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ يَقُوتُهَا. أَلَسْتُمْ أَنْتُمْ بِالْحَرِيِّ أَفْضَلَ مِنْهَا« (متى 6:25 ، 26).
ابن الأرملة يموت ويقوم:
كان لأرملة صرفة، حيث أقام النبي إيليا، ابن وحيد، اشتدَّ به المرض ذات يوم ومات. فجاءت الأرملة إلى إيليا تصرخ: »ما لي ولك يا رجل اللّه. هل جئت إليَّ لتذكير إثمي وإماتة ابني؟« يبدو من كلام المرأة أن حياتها تلوَّثت من قَبْل بلوثة أخلاقية، بقيت جاثمة أمامها كإثم لا يُغتفَر. ونحن لا ندري ما هو ذلك الإِثم. هل كان يتعلق بميلاد ولدها هذا؟ إن ضمير الإِنسان منّا قد ينام فترة، لكن هناك دوماً ما يوقظه. وعلينا ألا نسكت على إثم إلا ونعترف به، لأنه: »إِنِ اعْتَرَفْنَا بِخَطَايَانَا فَهُوَ أَمِينٌ وَعَادِلٌ، حَتَّى يَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَيُطَهِّرَنَا مِنْ كُلِّ إِثْمٍ« (1يوحنا 1:9).
ولما سمع إيليا الكلمات القاسية التي وجَّهتها له الأرملة لم يوبخها، ولم يجاوب عليها بخشونة، ولكنه قال لها: »أعطيني ابنك«. وأخذه من حضنها وصعد به إلى العلية التي كان مقيماً بها، وأضجعه على سريره، وصرخ إلى الرب وقال: »أَيُّهَا الرَّبُّ إِلهِي، أَأَيْضاً إِلَى الْأَرْمَلَةِ الَّتِي أَنَا نَازِلٌ عِنْدَهَا قَدْ أَسَأْتَ بِإِمَاتَتِكَ ابْنَهَا؟« (1ملوك 17:20).
لا شك أن إيليا كان متألماً من توبيخ الأرملة له، كما كان متألماً من الكارثة التي حلَّت بها. وإيليا في هذه الكلمات يذكِّرنا بما سبق أن قاله كليم اللّه موسى عندما رجع إلى الرب وقال: »يَا سَيِّدُ، لِمَاذَا أَسَأْتَ إِلَى هذَا الشَّعْبِ؟ لِمَاذَا أَرْسَلْتَنِي؟« (خروج 5:22).
ولم يغضب الرب من إيليا، ولكنه غفر له، لأن اللّه يعرف اللغة الصادرة من قلب متألم مُخْلص. واللّه يفضّل أن نأتي إليه بإخلاص، مهما كان هذا الإِخلاص ضعيفاً، مهما كان التعبير عنه غير لائق. إن اللّه يريد أن تتعانق روح المؤمن مع روحه هو، في الحب والألم، مهما كانت الظروف التي نعيش فيها.
ثم أخذ إيليا جثة الولد وتمدَّد عليها ثلاث مرات وصرخ إلى الرب قائلاً: »يا رب إلهي، لترجع نفس هذا الولد إلى جوفه«. فسمع الرب صلاة إيليا وقام الولد من موته. فأخذه إيليا ونزل به من عِليته إلى البيت، ودفعه إلى أمه وقال لها بلهجة الشكر للّه والانتصار: »أُنظري، ابنك حي«. فقالت المرأة لإيليا: »هذَا الْوَقْتَ عَلِمْتُ أَنَّكَ رَجُلُ اللّهِ، وَأَنَّ كَلَامَ الرَّبِّ فِي فَمِكَ حَقٌّ« (1ملوك 17:23 ، 24).
من هو النبي الحقيقي؟
النبي الحقيقي هو الذي يستخدمه اللّه ليقيم موتى الخطية لحياة التقوى ومخافة اللّه. وهو الذي يؤازره اللّه بمعجزات من عنده، كما آزر موسى وإيليا وبطرس وبولس وغيرهم من رجاله الصادقين.
كانت معجزة إقامة الميت معجزة كبيرة، أجراها اللّه على يد نبيه إيليا.
فكيف حقق إيليا هذه المعجزة؟ لقد أخذ الولد الميت من حضن أمه وصعد به إلى العِلية التي كان مقيماً فيها، وأضجعه على سريره وصرخ إلى الرب. وفي تواضع تمدَّد على الولد. أليس عجيباً أن نرى رجلاً عظيماً يصرف وقتاً ومجهوداً على هذا الهيكل الجسدي الفاني، ويرضى أن يلتصق بذلك الميت، الذي تقول شريعة موسى إنه ينجّسه؟ لكن إيليا في تواضع حقيقي تناسى هذا كله وبدأ يصلي للولد وهو متمدّد عليه في مثابرة، وصرخ إلى الرب ثلاث مرات دون أن يتطرَّق اليأس إلى قلبه. إن صلاة إيليا الثلاثية تجعلنا نتذكر قول السيد المسيح: »يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلَا يُمَلَّ« (لوقا 18:1). ولقد لقي تضرع إيليا نعمة عند اللّه، فسمع الرب صلاته وأقام الولد من موته، ويقول التقليد اليهودي الذي وصلنا بالتواتر إن هذا الولد كبر ليكون يونان النبي، الذي أرسله اللّه إلى نينوى كارزاً بالخلاص.
أيها القارئ الكريم، إننا نوجِّه إليك دعوة الآن أن لا تخبئ خطيتك داخل نفسك كما فعلت تلك الأرملة، بل أن تعترف بها للّه الذي يغفر لك ويطهر قلبك من دنس الذنوب. ونريد أن نؤكد لك أن المسيح الحي يريد أن يهبك الحياة الأبدية، إن أنت وضعت ثقتك فيه، »لِأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الْأَبَدِيَّةُ« (يوحنا 3:16). كما نؤكد لك أن الإِله المحب سيبارك حياتك لتعمل معه على إقامة غيرك من موتى الخطية للحياة الجديدة في المسيح.
ونوجه إليك دعوة أخرى: قد تكون ساكناً في أمان، كما سكن إيليا عند أرملة صرفة، ولكن اللّه يكلّفك أن تقوم بخدمة خطيرة له – كن مستعداً أن تحيا في سلام، وأن تجاهد أيضاً في سبيل اللّه. إن الجهاد هو الذي يقوي عضلات الإيمان ويزيده
القس / مجدى خلة
فايبروواتس اب
009647502720873
الوسومترامب - ادلب - الحب و الجنس - الزواج