ميــاه ردية وأرض شــقاء
[ إليشع النبى ]
القراءات الكتابية ( 2 مل 2 : 19 – 22 )
” وقال رجال المدينة لإليشع هوذا موقع المدينة حسن كما يرى سيدي وأما المياه فردية والأرض مجدبة. فقال ائتوني بصحن جديد وضعوا فيه ملحا فأتوه به. فخرج إلى نبع الماء وطرح فيه الملح وقال هكذا قال الرب قد أبرأت هذه المياه لا يكون فيها أيضاً موت ولا جدب. فبرئت المياه إلى هذا اليوم حسب قول إليشع الذي نطق به …”
مقدمة :
هذه هى المعجزة الثانية لإليشع رجل الله الذى عبر الأردن الذى يرمز للمعمودية ، وفيها نرى إنتصار نعمة الله على اللعنة التى تجلبها لنا الخطية .. رأينا فى الموضوع الأول الأرض الخربة الخالية .. أما هنا فالأمر يختلف .. إن موقع المدينة حسن .. إن اسم المدينة ” أريحا ” الذى معناه ” رائحة عطرة ” وكانت تُسمى مدينة النخيل ومدينة الليل .. وكانت تشتهر بالرخاء والجمال وحسن الموقع .. ووسط كل هذا تنشط الشهوات .. لقد كانت تعيش راحاب الزانية فى هذه المدينة فى تلك الأيام .. كما كانت مدينة محصنة يحكمها ملك قوى .. كل هذا لم يأتِ بحل للمشكلة الكبيرة .. لقد كانت المياه ردية والأرض مجدبة …
ولنا فى هذه المياه الردية وفى علاجها ثلاث كلمات :
1) أصل الداء
2) ملح الإبراء
3) حلاوة وشفاء
أولاً : أصــل الــداء
تعلن كلمة الله عن حالة هذه المياه أنها :
مياه رديــة : إنها صورة العالم الجميل من الخارج ، لكنه متسم باللعنة من الداخل .. موارده المنعشة فاشلة فى إشباع احتياجات النفوس .. نعم مياه ردية .. ” فكل من يشرب من هذا الماء يعطش أيضاً ” (يو 4 : 13)
الأرض مجدبة : وكلمة ” مجدبـة ” فى الأصـل تعـنى ” تسبب الإجهاض ” أى أن هذه المياه كانت تجعل الماشية تسقط ما فى بطونهن من أجنة .. وكذلك الأشجار تُطرح ثمارها إلى الأرض قبل أن تنضج وكانت تسبب العقم عند السيدات…
حقاً يا لها من مأساة .. فهذه المدينة برغم جمالها وحلاوة موقعها .. إلا انها فاقدة للماء الحلو الذى يساعد على الإكثار والإنماء والإثمار .. لقد كاد من فيها أن يموتوا بالجوع بسبب فقد الشجر لثماره ، وكذلك كان شعب المدينة معرض للإنقراض بسبب العقم الذى تسببه هذه المياه للنساء .. لقد كانت تملك المدينة كل مقومات النجاح ، لكنها كانت تفتقد لأهم مقومات النجاح … ألا وهو المياه الصالحة …
ما أشبه حالة هذه المدينة بحالة عالمنا اليوم … إنه :
قد يقدم للشاب مباهجه البراقة .. ويفتنه بأفلامه الخادعة ويجذبه بسرابه الخداع .. ولكنه فى الواقع :
يقدم له مياهاً ردية ، تسبب له فقد وقته وأيامه وقوته بل وشبابه ، فيتركه حطام رجل … فيكتشف أنه يسعى وراء سراب سراب ، فيبذل الكثير من الجهد ويحصل على القليل من البركات ، فيكون كمن قال عنهم الكتاب :
” زرعتم كثيراً ودخلتم قليلاً تأكلون وليس إلى الشبع تشربون ولا تروون تكتسون ولا تدفأون والآخذ أجرة يأخذ أجرة لكيس منقوب ” (حج 1 : 6)
لقد كانت هذه المياه تحتاج إلى :
ثانياً : ملح الإبـــراء
ماذا فعل إليشع النبى أمام هذا النوع السيئ من المياه ؟؟ لقد طلب :
صحن جديد : إنه يرمز للموقف الجديد والتغيير الجديد والعلاقات والصداقات الجديدة التى فيها نترك ما فات ونسلك فى طريق التوبة بقلب نقى فنصنع ثماراً تليق بالتوبة .. نعم ، لا يمكن للمياه أن تبرأ إلا بعد أن نأتى بصحن جديد … قال الكتاب : ” لا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة” (رو 12 : 2)
فيــه ملح : وهنا الملح يرمز إلى قداسة المسيح وبره ..
فالملح :
يطهر : ” ودم يسوع المسيح إبنه يطهرنا من كل خطية ”
(1يو 1 : 7)
ويحفظ من الفساد : فالسمك المملح يبقى بلا فساد بسبب الملح الذى يحفظه من التعفن ، كذلك المسيح يحفظ اولاده وسط عالم الشر، فيكونوا فى العالم ولا يكون العالم فيهم ..
” لست اسأل أن تأخذهم من العالم ، بل أن تحفظهم من الشـرير ” (يو 17 : 15)
ويعطى مذاقة : لذا تسأل أيوب قائلاً : ” هل يؤكل المسيخ [ أى الطعام الماسخ ] بلا ملح ، أو يوجد طعم في مرق البقلة [بياض البيضة]”(أي 6 : 6) فكل من فقد طعام الحياة وحلاوتها يمكن أن يأتى إلى المسيح ليعطى لحياته طعماً فريداً ويحول كل مسيخ إلى مذاق رائع مشبع …
لقد ذهب إليشع إلى نبع المياه .. وهو يرمز للقلب الذى من مخـارج الحـياة .. لم يركز على فروع النهر القشرية ، بل ركز على النبع .. إنه القلب الذى يحتاج إلى الإبراء ، فلا ثمر ولا حياة دون عمل الله فى القلب ..
ماذا كانت النتيجة ؟؟ لقد تحولت المياه الردية بفعل الملح ، وصار فيها :
ثالثاً : حلاوة وشفاء
لقد تنبأ إليشع على هذه المياه الردية ، قائلاً : ” قد إبرأت هذه المياه … لا يكون فيها أيضاً موت ولا جدب ” (2مل 2 : 21)
أخى الشاب أدعوك ان تكف عن الكلام السلبى وتبدا فى أن تملأ أفكارك بالكلام الإيجابى .. أرجوك كفى أن تردد قائلاً :
أنا فاشل … لن اتغيير … لقد ولدت هكذا وسأبقى هكذا وسأموت هكذا .. مفيش فايدة .. حاولت كتير .. كل الناس كده .. أبوايا قالوا زمان عنى إنى مش نافع .. أنا أكيد رايح جهنم .. وجهنم بجهنم يبقى خلاص .. ومهما حاولت لازم هارجع تانى ..
لالالالالالالالالا احترس أرجوك كف عن هذا الكلام نهائيا .. بل إملأ قلبك بأفكار الإيمان والإيجابية .. قل مثلاً بملأ الفم والقلب :
أنا إبن للمسيح .. ابليس لن يكون له مكان فى حياتى بنعمة المسيح .. لن أفشل فى دراستى .. سأنجح فى زواجى … سيعطينى الرب أطفالاً مباركين .. سأنتصر على الخطية بنعمة ربنا .. هذا هو اليوم الذى صنعه الرب لنفرح ونبتهج فيه … لن أعود للضعف .. لن ارجع لأصدقاء الشر .. سيباركنى المسيح وأكون بركة لبيتى ولعملى ولأخرين … أنا ساكن فى حصون الصخر .. أنا مصنوع من صخر يسوع الغير قابل للكسر ..
ماذا حدث ؟؟ لقد برأت المياه إلى هذا اليوم حسب قول إليشع الذى نطق به … لا لم يكن التغيير سطحياً أو وقتياً بل فعالاً ودائماً .. فإن عمل نعمة المسيح فى القلب يثبت إلى الأبد .. فأتت الثمار بعد الجدب والإنجاب بعد العقم …
خاتمة :
أخى الحبيب .. ما أجمل هذا التغيير الذى حدث لهذه المياه … وهو نفس التغيير الجذرى الذى يريد المسيح أن يعمله فى قلبك اليوم .. لتتحول من الجدب والفشل على الإثمار الروحى والزمنى .. افتح فمك وقل معى : ” إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة … الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا ” (2 كو 5 : 17) ..
آية الحفظ
” وأعطيكم قلباً جديداً وأجعل روحاً جديدة فى داخلكم وانزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم .. ”
( حزقيال 36 : 26 )
القس / مجدى خلة
فايبروواتس اب
009647502720873