صغيرا أنا!!
القراءة الكتابية : ( قضاة 6 : 1 ـ 8 ، 11 )
” وعمل بنو اسرائيل الشر في عيني الرب فدفعهم الرب ليد مديان سبع سنين فاعتزت يد مديان على إسرائيل .. بسبب المديانيين عمل بنو اسرائيل لأنفسهم الكهوف التي في الجبال والمغاير والحصون وإذا زرع إسرائيل كان يصعد المديانيون والعمالقة وبنو المشرق يصعدون عليهم وينزلون عليهم ويتلفون غلة الأرض إلى مجيئك إلى غزة ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنماً ولا بقراً ولا حميراً .. لأنهم كانوا يصعدون بمواشيهم وخيامهم ويجيئون كالجراد في الكثرة وليس لهم ولجمالهم عدد ودخلوا الأرض لكي يخربوها.. فذل إسرائيل جداً من قِبَل المديانيين وصرخ بنو إسرائيل إلى الرب ، وكان لما صرخ بنو إسرائيل إلى الرب بسبب المديانيين أن الرب أرسل رجلاً نبياً إلى بني اسرائيل …
وآتى ملاك الرب وجلس تحت البطمة التي في عفرة التي ليواش الابيعزري وإبنه جدعون كان يخبط حنطة في المعصرة لكي يهربها من المديانيين … ”
مقدمـــة :
قد يسمح الرب لأنا أن نجتاز فى بعض الظروف الصعبة ، سواء فى طفولتنا ، أو فى حاضرنا ليشكِّل الرب بها شخصيتنا , ويعدِّنا بها إعداداً خاصـاً حسبما يحسـن فى عينيه… وهذا هو عين ما حدث
لجدعــون [ = قاطع الحطب ].. فالأسرة التى وُلِدَ فيها كانت أسرة مملوءة بالشر ، إذ كان أبوه يعبد الأصنام، وكان ذلك أمراً شائعاً لجميع أهل بيته ،
فجلب الرب عليهم المديانيين بقيادة أميرهم
زبح [ أى ذبيحة هلاك ] ،
وصلمناع [ أى مانع المأوى ]
فكان أحدهما سبب هلاك ودمار لشعب الله ، وكان الآخر سبباً فى منع الشبع والمأوى لهم … لكن جدعون قرر أن يبدأ بالشبع بالرب وبكلمته وعلى يديه صنع الرب انتصاراً عظيماً
ولنا فى هذه النصر ثلاثة دروس :
1) بؤس وشقاء
2) بطمة النقاء
3) شبع وإرتواء
1) بؤس وشقاء :
ما أبشع البيئة التى نشأ فيها جدعون، فلم تتـفتح عيناه إلا على:
أبٌ يعبد الأصنام .. فما أصدق ما قاله الكتاب كأروع تعبير عن حالة هذه الأيام : ” في تلك الأيام لم يكن ملك في اسرائيل كل واحد عمل ما حسن في عينيه ” ( قض 21 : 25 )
أعداء يفرضون سيطرتهم بشدة على شعب الله ، كما صرخ إشعياء النبى قائلاً : ” أيها الرب إلهنا قد استولى علينا سادة سواك ” (إش 26 : 13)
جوع وعوز شديد ، كما قال الكتاب : ” وإذا زرع إسرائيل كان يصعد المديانيون والعمالقة وبنو المشرق يصعدون عليهم وينزلون عليهم ويتلفون غلة الأرض إلى مجيئك إلى غزة ولا يتركون لإسرائيل قوت الحياة ولا غنماً ولا بقراً ولا حميراً .. لأنهم كانوا يصعدون بمواشيهم وخيامهم ويجيئون كالجراد في الكثرة .. ” (قض 6 : 3 ـ 5)
كل هذا البؤس والشقاء كان نتيجة خطية شعب الله ، وكان بسبب تيهانهم وزيغانهم عن الله ، فجلب عليهم كل هذا الشر …
أخى، أليس هذا هو واقع عالمنا المرير فى هذه الأيام التى فيها رفض الناس ملكوت الله على حياتهم ، فكل واحد فعل ما حسن فى عينيه!! فهذا يعبد ذاته ، وآخر يجرى خلف شهواته ، فملنا كل واحدٍ إلى طريقه …
2) بطمة النقاء :
يا لروعة إلهنا المحب هذا !! فبرغم كل هذا البؤس والشقاء ، لكنه أرسل لشعبه مخلصاً .. إذ يقول الكتاب :
” أتى ملاك الرب وجلس تحت البطمة … ” وما هذه البطمة التى بدأ بها جدعون حياته إلا رمزاً لصليب الرب يسوع المسيح الذى تتنقى فيه حياتنا ، فندفن خطايانا ونقوم معه فى جدة الحياة … ونلقى مع شجرة البطمة فى :
طمر الإلهة الغريبة : ” فأعطوا يعقوب كل الإلهة الغريبة التي في أيديهم والأقراط التي في آذانهم فطمرها يعقوب تحت البطمة ” (تك 35 : 4)
فناء الجمال والعنترية : ” وكان أبشالوم راكباً على بغل فدخل البغل تحت أغصان البطمة العظيمة الملتفة فتعلق رأسه بالبطمة وعلق بين السماء والأرض والبغل الذي تحته مر ” (2صم 18 : 9)
دفن الماضى بالكلية : ” قام كل ذي بأس وأخذوا جثة شاول وجثث بنيه وجاءوا بها إلى يابيش ودفنوا عظامهم تحت البطمة ” (1أخ 10 : 12) ، وهكذا تحت البطمة دُفِنَ شاول الملك بكل محارباته لداود وإنتهت معاناته لمرنم إسرائيل الحلو ..
تجديد القوى الروحية : فمن أروع الصفات فى شجرة البطمة أنها إذا ماتت الشجرة الأصلية ، فإنها تفرخ من أسفلها فروع جديدة تخلفها ، كما قال الكتاب : ” .. ولكن كالبطمة والبلوطة التى وإن قُطِعَت فلها ساقٌ يكون ساقه زرعاً مقدساً ” (إش 6 : 13)
أخى الحبيب ، هل نأتى معاً إلى بطمة صليب المسيح فنأخذ منه النقاء والشفاء من ضعفاتنا، إذ ندفن خطايانا ، وماضينا، ونقوم معه فى جدة الحياة ونبدأ بدءاً حسناً ؟
3) شبع وإرتواء :
يقول الكتاب : ” وآتى ملاك الرب وجلس تحت البطمة التي في عفرة التي ليواش الابيعزري
وإبنه جدعون كان يخـبط حنطة في المعصرة لكي يهربها من المديانيين .. ” (قض 6 : 11) ، فكل هذه الظروف التى مرَّ بها شعب الله فى تلك الأيام لم تستطع أن تمنع جدعون من أن يشبع بالحنطة
[ التى ترمز لشخص الرب يسوع ، ولكلمته ] ، فحين تتنقى حياتنا تحت شجرة البطمة ، ندرك أهمية الشبع بشخص المسيح الذى يفتح يده فيشبع كل حى رضى … فنجلس إلى كلمته ونشبع بها ..
لاحظ أن الملاك جاء لجدعون وهو فى المعصرة، فلا يمكننا أن نتمتع بعشرة الرب يسوع مثلما نتمتع بها فى الكنيسة هكذا يعمل جدعون الحقيقى (الرب يسوع المسيح) داخل كنيسته ، إذ يضرب بصليبه سنابل الحنطة ليفرز الحبوب من التبن ، ويهِّرب من الأعداء حنطة جسده المحى ودمه الكريم وكلمته المشبعة كسر حياة وشــبع ليقدمهم طعاماً روحياً لأولاده حتى لا يسبيهم عدو الخير بأعماله الشريرة …
ولقد جاء جدعون فى مقدمة سحابة الشهود فى عبرانيين 11 : 32 عن أبطال الإيمان الذين بالإيمان قهروا ممالك .. صنعوا براً .. نالوا مواعيد [ أى أخذوا وعود من كلمة الله وقبلوا تطبيقها فى حياتهم ، وصارت الكلمة حياة معاشة ووعوداً مطبقة ..
** خاتمـــة :
أخى الحبيب ، مهما كثرت ضعفاتنا ، فلنا بطمة صليب المسيح الذى تحته تتطهر حياتنا ، ومهما زادت مشغولياتك فلنا دعوة من الرب أن نهرب بحياتنا لنشبع بخبز الحياة، ليس كما أكل أباؤنا من العالم فى برية هذه الحياة وماتوا … هيا .. هيا .. لنبدأ عند الشبع بالكلمة المحيية المشبعة ، فنأكل منها فتكون لنا للفرح ولبهجة القلب وسط الظروف ..
آية الحفظ
” جدعون وباراق وشمشون وصموئيل ..
الذين بالإيمان قهروا ممالك .. صنعوا براً .. نالوا مواعيد .. سدوا أفواه أسود .. ” (عب 11 : 32 ، 33)
القس / مجدى خلة
فايبر وواتس اب
009647502720873