كرنيليوس القائد
القراءة الكتابية :
( أعمال 10 : 1 ـ 6 + 34 ـ 43)
” وكان في قيصرية رجل اسمه كرنيليوس قائد مئة من الكتيبة التي تدعى الايطالية .. وهو تقي وخائف الله مع جميع بيته يصنع حسنات كثيرة للشعب ويصلي إلى الله في كل حين .. فرأى ظاهراً في رؤيا نحو الساعة التاسعة من النهار ملاكاً من الله داخلاً إليه وقائلاً له يا كرنيليوس .. فلما شخص إليه ودخله الخوف قال ماذا يا سيد فقال له صلواتك وصدقاتك صعدت تذكاراً أمام الله .. والآن أرسل إلى يافا رجالاً واستدع سمعان الملقب بطرس .. إنه نازل عند سمعان رجل دباغ بيته عند البحر هو يقول لك ماذا ينبغي أن تفعل .. ”
” ففتح بطرس فاه وقال : … أنتم تعلمون الأمر الذي صار في كل اليهودية مبتدئاً من الجليل بعد المعمودية التي كرز بها يوحنا .. يسوع الذي من الناصرة كيف مسحه الله بالروح القدس والقوة الذي جال يصنع خيراً ويشفي جميع المتسلط عليهم إبليس لأن الله كان معه .
ونحن شهود بكل ما فعل في كورة اليهودية وفي أورشليم الذي أيضاً قتلوه معلقين أياه على خشبة.. هذا أقامه الله في اليوم الثالث وأعطى أن يصير ظاهراً .. وأوصانا أن نكرز للشعب ونشهد بأن هذا هو المعين من الله دياناً للاحياء والأموات .. له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا .. ”
** مقدمـــة :
لكل شخص فرصة تأتى إليه نعمة الله مغيرة ومبكتة ، فإن قَبِلَ هذه النعمة ، وبدأ بدأً حسناً فى طريق التوبة ، استفاد من هذه الفرصة .. وهنا نرى ليس شريراً أو فاجراً يتوب ، بل نرى شخص متدين ، صاحب مركز ونفوذ شديد كقائد مائة ، من أشراف روما ، من إيطاليا ، يخاف الله ويتقيه ، اسمه ” كرنيليوس ” أى ” متين ” .. لكن لم تستطع أعمال بره أن تخلصه ، بل كانت وسيلة إعداد لأن يسمع كلاماً به يخلص هو وكل بيته أجمعين (أع 11 : 14)
ولنا فى هذه البداية النقية ثلاثة دروس :
1) تدين فريد
2) احتياج شديد
3) إيمان أكيد
1) تدين فريد :
لقد كان كيرنيلوس بالحق رجلاً تقياً شأنه شأن الكثيرون تالذين يظنون أنهم بأعمال الصالحة يمكنهم أن يخلصوا من خطاياهم ، دون الحاجة إلى دم المسيح الكفارى ، ودون الحاجة إلى الكنيسة التى اشتراها المسيح بدمه .. وهذا هو البر الذاتى ..
فلقد كان كرنيليوس :
1) تقــــى وخائــف الله
2) يصـنع حسنات كثيرة للشعب
3) يصلى إلى الله فى كل حين
4) يصوم إلى الســاعة التاسعة
5) مشهوداُ له من كل أمة اليهود
6) هو تقى ، وجميع أهل بيته (ع 2)، وجنوده (ع 7) ، وانسباؤه واصدقاءه (ع 24)
لكن كل هذا لم يكن كافياً ، بل كان هناك فى الواقع :
2) احتياج شديد :
فما أخطر أن يشعر الإنسان أنه بأعمال سيخلص من خطاياه .. دون الحاجة إلى دم المسيح أو إلى كنيسته .. كما لو كانت حسناته ستعوض سيئاته .. كلا يا أخى كلا ، فبدون سفك دم لا تحصل مغفرة (عب 9 : 22) وكذلك كنيستنا المجيدة تعلمنا أن نقول فى قطع الخدمة الثالثة من صلاة نصف الليل : [ بعين متحننة يا رب انظر إلى ضعفى ، فعما قليل تفنى حياتى ، وبأعمالى ليس لى خلاص .. ]
وما أكثر الذين يصيبهم الشيطان بسهام المجد الباطل ، فيلبسون ثياب البر الذاتى ، فيخدعهم العدو بأن الله قبلهم بسبب أعمال برهم .. كلا .. كلا ، وإلا فلماذا جاء المسيح إلى عالمنا ومات ليدفع ثمن خطايانا ثم قام من أجل تبريرنا ؟ أليس ليقدم لنا خلاصاً ثميناً كلفه دمه الطاهر الكريم؟
كذلك ما أهم دور الكنيسة فى الخلاص .. لذا حين ظهر الملاك لكرنيليوس ، لم يعلمه طريق الخلاص ، بل أرسله إلى سمعان بطرس ليكلمه كلاماً به يخلص .. إذ لم تسطع أعمال بره أن تخلصه بعيداً عن كنيسة المسيح التى هى عمود الحق وقاعدته …
أخى الحبيب .. ما أخطر أن نتصور أننا لم نعمل شيئاً نستحق عليه الجحيم .. أو تخدعنا الشيطان أننا أفضل من كثير من الخدام .. أو أنه لا احتياج للذهاب إلى الكنيسة ، فربنا رب قلوب … لا يا أخى لا .. فلا خلاص خارج الكنيسة ، وبعيداً عن وسائط النعمة فى الكنيسة من أسرار مقدسة ، هى قنوات النعمة للخلاص ..
3) إيمان أكيد :
إبتدأ سمعان بطرس فى إعلان خلاص المسيح الذى هو رب الكل .. الذى جال يصنع خيراً ويشفى جميع المتسلط عليهم إبليس .. الذى صلبه اليهود ، ومات ليدفع ثمن خطايانا وليصالحنا مع الله ، ثم قام من الأموات وظهر لكثيرين .. وختم الرسول بطرس كلماته بالإعلان عن العلامة الأكيدة وعن العامل المشترك الأكيد لأى نبى بقوله : ” له يشهد جميع الأنبياء أن كل من يؤمن به ينال باسمه غفران الخطايا .. ” (أع 10 : 43)
فحل الروح القدس على كرنيليوس وجميع من فى البيت واعتمدوا وانضموا إلى الكنيسة ن ومكث عندهم القديس بطرس أياماً ليتابعهم ويثبتهم فى الإيمان .. إذ قد حصل خلاص لأهل هذا البيت ..
نعم ، ما أروع هذه البداية فى توبة قلبية وانضمام لصيق بكنيسة الله، فكرنيليوس و أهل بيته ، لم يعودوا غرباء ونزلاء ، بل صاروا رعية مع القديسين وأهل بيت الله ..
ليس هذا فحسب ، فمن يلتصق بالمسيح وبكنيسته ، يصبح فرعاً مثمراً ، فبعد عماده ، ترك الجندية وتبع الآباء الرسل ، ثم رسمه القديس بطرس اسقفاً على مدينة قيصرية فى فلسطين ، فمضى إليها وبشَّر فيها بالمسيح ، مبيناً ضلالة الأصنام ، فاستنارت عقولهم بمعرفة الله وآمنوا به .. وكما فعل الله معه بواسطة القديس بطرس إذ ثبته وتابعه أياماً ليشدد ثباتاً فصلابة فى إيمانه , هكذا فعل هو مع الذين تابوا .. وصنع الرب على يديه معجزات كثيرة ، حتى آمن ديمتريوس الوالى ، وتنيح بسلام ونال إكليل المبشرين فى 23 من شهر هاتور .. بركة صلاته تكون معنا .. آمين
** خاتمـــة :
أخى الحبيب ، ما هو الدرس الرائع الذى تتركه حياة كرنيليوس كبصمة قوة بالنسبة لك ؟ لقد كانت أعماله وسيلة نظر إليها الرب وقبله، لكنها لم تخلصه .. فما هى قنوات النعمة التى تريد أن تبدأ بدءاً حسناً فى التركيز عليها كالاعتراف أو التناول أو المواظبة على القداسات أو الاجتماعات .. هل تبدأ .. هل ؟
آية الحفظ
” فلستم إذا بعد غرباء ونزلاً ،
بل رعية مع القديسين وأهل بيت الله .. ”
( أفسس 2 : 19)
القس / مجدى خلة
فايبر وواتس اب
009647502720873