+{ لــــن تـــراه }+
بقلم دكتور مجدي إسكندر
” قصة من واقع الحياة ”
غادرا البلاد لأحد بلاد المهجر في مهمة معينة وقد ينجحان فيها أو لا، ولكن فليحاولا ولو نجحا فلهما ثواب عظيم والجنة من نصيبهما، وإن فشلا فسيعيشان حياة رغدة وسعيدة مستغلين أبناء هذه الدولة إن لم يقبلا عروضهما عليهم لإنقاذهم من النار المعدة لهم.
هذه كانت تطلعات وأفكار السلفي وزوجته السلفية الحامل، وقد مر أكثر من عام على زواجهما قبل هجرتهما لهذا البلد بمساعدة الأقارب الذين سبقوهما.
وبعد الاستقرار وإيجاد عمل لهما في أحد المطاعم العربية للمساعدة في أعمال النظافة وتقديم الطلبات للزبائن، فكرا في بدء نشاطهما للدعوة والتبشير.
ولكن جاءت ساعة الولادة لزوجته المنقبة فجأة ولم يجدا أمامها إلا إدخالها لأحد المستشفيات المسيحية لعدم وجود مستشفيات إسلامية في البلد الذي يعيشان فيه.
بدأ الجنين في الاستعجال للنزول، فادخلوها حجرة الولادة بسرعة، وكان معها زوجها، وقد لاحظا وجود صليب معلق على الحائط، فطلبا من الطبيب أن يرفع الصليب من أمامهما حتى لا يراه طفلهم أمام عينيه في أول لحظات حياته.
ولكن الطبيب قال لهما بأنه ليس من حقه تغيير أي شيء في غرفة الولادة إلا بإذن من إدارة المستشفى.
ولكن لم يمهلهما الجنين وقتاً كافياً لسؤال الإدارة وتنفيذ طلبهما، وولدت طفلتهما التي فحصها الطبيب جيداً للتأكد من عدم وجود أي عيوب خلقية أو كسور أثناء الولادة أو نزيف، ولكنه لاحظ شيئاً ما، فقال لهما: مبروك فطفلتكما الجميلة لن ترى الصليب نهائياً.
فقالوا له هل وضعتَ شيئاً على عينيها لكي لا تراه؟ فأخبرهما بأن طفلتهما قد ولدت … عميــــــاء، ولذا لن ترى الصليب كما طلبتما … وحقق طلبكما صاحب الصليب.
قررا التراجع نهائياً عن تنفيذ ما كانوا ينوون أن يفعلوه بعد ما حدث وبعد أن لاحظوا مدى محبة الناس لهما ومحاولة مساعدتهما، وطلبوا من إله المسيحيين مسامحتهما على قساوة قلوبهما ومساعدتهما في تربية ابنتهما العمياء رائعة الجمال.
مرت سنوات حتى وصل سن ابنتهما إلى الثامنة، وكانت تتعلم في مدرسة للمكفوفين، كما نجح الأب في عمله حتى استطاع أن يؤسس كافيتريا له بمساعدة زوجته، كما تحسنت حالتهما المادية كثيراً.
وكان هناك طبيب أخصائي عيون قد أكتشف طريقة لتغيير قرنية العين المعتمة وقتها، فتم عرض ابنتهما عليه وطمأنهما بأنه يمكن عمل عملية تغيير للقرنية لكي يمكنها الرؤية.
وقبل العملية بليلة حلم الأب حلماً وكأنه رؤيا، فقد جاء إليه السيد المسيح بنور ساطع وطمأنه بأنه سيكون معها في وقت العملية.
وفي الصباح ذهبوا للمستشفى لإجراء العملية، وتم عمل الفحوصات اللازمة النهائية لها، ودخلت حجرة العمليات وكان الصليب موضوعاً أمامهما، طلبت زوجته بأن يرفعوا الصليب، ولكن زوجها قال لها لا، أريد أن يساعدها صاحب الصليب وكفى، فقص عليها حلمه الذي أخفاه عنها.
وبعد إجراء العملية تم نقلها لحجرتها في المستشفى، وعندما جاء الطبيب لفك الأربطة وسألها ماذا ترين الآن يا فاطمة؟ قالت: هناك شيئاً موضوعاً على الحائط أمامي ويخرج منه نورٌ رائعٌ جداً …. ” دموعي أنهمرت بجد تأثراً “. لم تعرف ما هو هذا الشيء لأنها لم تراه من قبل … كان هذا هو الصليب.
انهمرت الدموع من عيني والدها وعيني زوجته وقالا في وقت واحد: سامحنا يا إله المسيحيين ونشكرك على وقوفك بجانبنا رغم إهانتنا الدائمة والمتكررة لك وللمسيحيين.
قدموا طلب للحكومة لتغيير اسم ابنتهم من فاطمة إلى مريم، إسوة باسم والدة السيد المسيح لترعاها.
خرجت في أول يوم بعد تمام شفائها للشوارع، وكانت تسأل عن كل شيء وعن الألوان وتنظر للناس بلهفة وتصرخ وتقفز، ولكن أكبر فرحتها كانت عندما رأت وجهي والدها ووالدتها لأول مرة في حياتها.
تم تحويل الفتاة من مدرسة المكفوفين إلى المدرسة الحكومية لتحكي لكل أصدقاؤها بأنها كانت عمياء والآن إنسانة مثلهم ترى وتلعب بدون خوف من السقوط.
إننا لا نشعر بقيمة النظر الذي وهبنا الله إياه، ولا نشعر بالجمال الذي حولنا ولا بابتسامة الأب أو الأم لنا، ولكننا ننظر نظرات كلها نقد وكراهية وشك، كما لا نرى من الزهور إلا الذابلة منها والأوراق الساقطة من الأشجار الجميلة !!!
فلنغير نظرتنا للحياة لكي نتمتع بما حولنا ونشعر بالسعادة والطمأنينة وراحة البال.
القس / مجدى خلة
فايبر وواتس اب و الايمو
٠٠٩٦٤٧٥٠٢٧٢٠٨٧٣