المسيح الحضن الحنون للمرفوضين
[ العشـــــرة البُــــرص ]
القراءة الكتابية
( لوقا 17 : 11- 19 )
” وفي ذهابه إلى أورشليم أجتاز في وسط السامرة والجليل وفيما هو داخل إلى قرية استقبله عشرة رجال برص فوقفوا من بعيد ورفعوا صوتاً قائلين يا يسوع يامعلم أرحمنا فنظر وقال لهم أذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة وفيما هم منطلقون طهروا فواحد منهم لما رأى أنه شفي رجع يمجد الله بصوت عظيم وخر على وجهه عند رجليه شاكراً له وكان سامرياً فأجاب يسوع وقال أليس العشرة قد طهروا فأين التسعة ألم يوجد من يرجع ليعطي مجدا لله غير هذا الغريب الجنس ثم قال له قم وأمض إيمانك خلصك ”
مقدمة :
يحدثنا الكتاب المقدس عن 21 شخص أبرص
أما معجزة شفاء العشرة البرص دفعة واحدة فهى أكبر معجزة جماعية سجلها الكـتاب
. نعم أن الرب يسـوع لديه القدرة الفائقة أن ” يخرج الطاهر من النجـس ” ( أى 14 : 4 ) .
و من المُسلم به أن البرص نجاسة للنفس والجسد والروح أيضاً .
ولنا فى هذا الموضوع أربعة كلمات بنعمة الله .
1) عشـرة نجســــين
2) صرخوا لأعظــم معين
3) طهــروا أجمـعــين
4) واحــد منهــم أمين
أولاً : عشرة نجسين
البرص: مرض جلدي خطير يبيض فيه الجلد ويصل في بعض مراحله الخطيرة إلى تآكل بعض أطراف الجسم وتشويه شكل الإنسان بجانب خطورته في انتقال العدوى.
كان الشعب في العهد القديم يؤمن بان البرص هو عقوبة وضربة من الله، معتمدين على ما حدث لمريم اخت هارون وموسى النبي، وأيضا ما حصل لجيحزي تلميذ اليشع النبي.
اصيبت مريم أخت موسى النبي بالبرص عندما اشتركت مع اخيها هارون في التذمر على النبي موسى بسبب زواجه من المرأة الكوشية (ليست من نسل اليهود) فقالت مع اخيها “هَل كَلمَ الرَّبُّ مُوسَى وَحْدَهُ؟ أَلمْ يُكَلِّمْنَا نَحْنُ أَيْضاً؟ ” فضُرِبَت بالبرص وابيض جلدها كالثلج!
ومريم هي المرأة الوحيدة التي ذكرها الكتاب المقدس بأنها ضُربت بالبرص، وقد صلى موسى من أجلها لتشفى، فقال الله لموسى بانه سيتركها سبعة ايام برصاء عقابا لها ثم ستشفى (سفر العدد 12) وهذه القصة تعلمنا الحذر ثم الحذر من الكلام على أنبياء الله وقديسيه.
وضُرب جيحزي تلميذ اليشع النبي بالبرص بسبب طمعه واخذه للمال من نعمان السرياني بدون علم اليشع النبي الذي شفى نعمان من البرص ورفض اخذ المال منه لقاء هذه المعجزة، لذلك قال اليشع لجيحزي الطماع: ” فَبَرَصُ نُعْمَانَ يَلْصَقُ بِكَ وَبِنَسْلِكَ إِلَى الأَبَدِ!» فَخَرَجَ (جيحزي) مِنْ أَمَامِهِ أَبْرَصَ كَالثَّلْجِ ” (2مل 5: 20- 27)
أيها الأحباء:
كان الابرص في العهد القديم يُعد نَجِسا فيُعزل بعيدا عن الناس (خارج المحلة) ، ولا يعود لحياته الطبيعية والاجتماعية حتى يُشفي من برصه ويقدم التطهير الناموسي عن لشفائه، وشرح سفر اللاويين في الاصحاح الرابع عشر شريعة التطهير التي يقوم بها الكاهن لمن شفي من البرص.
كان الهدف من عزل الابرص بعيدا عن عائلته وأولاده وعن موضع تجمع الناس هو منع انتشار المرض والعدوة، وكانت علامات التمييز أن يشق ثيابه ويكشف رأسه ويغطي شاربيه ( بقطعة قماش )، ولزيادة الحرص خوفا من اقتراب شخص غير منتبه أو اعمى كان الأبرص ينادي ” نَجِسٌ نَجِسٌ” عندما يشاهد أي انسان في طريقه وبهذا لا يكون الابرص سببا في نشر عدوة المرض للانسان السليم فكانت الوقاية ضرورية جدا لتلك البيئة البسيطة المعتمدة على الزراعة والرعي.
” الأَبْرَصُ الَّذِي فِيهِ الضَّرْبَةُ تَكُونُ ثِيَابُهُ مَشْقُوقَةً وَرَأْسُهُ يَكُونُ مَكْشُوفاً وَيُغَطِّي شَارِبَيْوَهِ وَيُنَادِي: نَجِسٌ نَجِسٌ ” (لا 13: 45)
لكن للأسف فان كهنة ذلك الزمان بالغوا جدا في معاملة الابرص، فكان بسبب نجاسته يُمنع مصافحته والتحدث معه، ملامسته، شراء أو بيعه أي شيء، ولا تُقبل منه القرابين والاضاحي! كل هذه النواهي جعلت هذا المريض المسكين يتمنى ان يشتري الموت على تحمل الابعاد والاحتقار والنبذ من المجتمع!
من أول شخص اصيب بالبرص؟
أول شخص اصيب بالبرص كان نبي الله موسى! لكن اصابته لم تكن عقوبة من الله بل آية أعطاها الله لموسى بعد ان قال لله ان الشعب لن يصدقوا بأنه يكلمه فما لفم، ولن يسمعوا كلامة، فقال له الله ” أَدْخِلْ يَدَكَ فِي عُبِّكَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِي عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا وَإِذَا يَدُهُ بَرْصَاءُ مِثْلَ الثَّلْجِ. 7 ثُمَّ قَالَ لَهُ: رُدَّ يَدَكَ إِلَى عُبِّكَ فَرَدَّ يَدَهُ إِلَى عُبِّهِ ثُمَّ أَخْرَجَهَا مِنْ عُبِّهِ وَإِذَا هِيَ قَدْ عَادَتْ مِثْلَ جَسَدِهِ 8 فَيَكُونُ إِذَا لَمْ يُصَدِّقُوكَ وَلَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الآيَةِ الأُولَى أَنَّهُمْ يُصَدِّقُونَ صَوْتَ الآيَةِ الأَخِيرَةِ ” (خر 4: 6- 8)
وثاني شخص اصيب بالبرص كانت مريم اخت موسى وهارون.
وثالث شخص كان نعمان السرياني رئيس جيش آرام الذي شفاه اليشع النبي عندما امرها بالاغتسال في نهر الاردن (2 مل 5).
فيما كان يسوع داخل إلى قرية أستقبله عشرة رجال برص . تسعة منهم يهود وواحد سامرى
. ومع أن اليهود لا يعاملون السامريين (يو 4 : 9) وينظـرون إليهم نظرة احتقار إلا أن الخطـية والنجاسة ساوت بين الجميع ” لأنه لا فـرق إذ أن الجمـيع أخطأوا وأعـوزهم مجــد الله ” ( رو 3 : 22 ، 23 ) .
ثانياً : صرخوا لأعظم معين
طالما أشترك العشرة فى النجاسة بلا فرق .
فلم يعد أمامهم جميعاً سوى أن يرفعوا صوتاً واحداً طالبين الرحمة فوقفوا من بعيد صارخـين
” يا يسوع يا معلم أرحمنا ” .
وما من أحد صرخ إليه صرخة إيمان وضاعت فى الهواء بل سرعان ما يتحنن قلبه لأن الكتاب يقول كل من يؤمن به لا يُخزى لأنه لا فرق بين اليهودى واليونانى لأن رباً واحد للجميع غنياً لجميع الذين يدعون به لأن كل من يدعو باسم الرب يخلص . ( رو 10 : 10 – 13 ) .
ثالثاً : طهروا أجمعين
يستطيع السيد المسيح له المجد أن يشفى بلمسه ويستطيع أيضاً أن يشفى بكلمة . غير أنه فى هذه المرة أكتفى بنظرة فلمجرد أنه ” نظر ”
إليهم وهذا يعنى أنه نظر إليهم
بعين الشفقة والحنان فرأى إيمانهم وأشواقهم وأصرارهم على الشفاء . فأمرهم قائلا ً : أذهبوا وأروا أنفسكم للكهنة .
المفروض أن يطهروا أولاً . ثم يذهبوا إلى الكهنة . لكن بإيمانهم أطاعوا أمر السيد رغم أنهم لم يكونوا قد نالوا الشفاء بعد . لكن فيما هم منطلقون طهروا .
هنا نرى أن الشفاء من نجاسة الخطية كان بالإيمان العامل إذ صرخوا للمخلص .. نعـم ” بالنعمة أنتم مخلصون بالإيمان ” ( أف 2 : 5 ) ” متبررين مجاناً بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح الذى قدمه لله كفارة بالإيمان بدمه .. ” ( رو 3 : 24 )
رابعاً : واحد منهم أمين
كم من أُناس يفرحون بعطايا الله وينسون الله
أما هذا السامرى فقد فرح بالله نفسه صاحب العطية فعاد إليه ساجداً معطياً المجد له .
رفض بطرس الرسول سجود كرنيليوس له
( أع 10 : 26 )
ورفض الملاك سجود يوحنا الرسول له
( رؤ 19 : 10 )
أما المسيح فقد قَبِلَ سجود هذا السامرى الذى أتى إليه شاكراً وساجداً وقد قبل منه السجود لأنه هو الله الظاهر فى الجسـد المستحق كل مجد وكرامة وعز وسجود ..
ولازال سؤال المسيح أليس العشرة قد طهروا !! فأين التسعة ؟ لذلك فقد تمتع هذا السامرى دون التسـعة الآخرين بقول السيد المسيح له : ” قم وأمضى إيمانك خلصك ” فإن كان الإيمان الأول شفاه فالإيمان الثانى متعه بالخلاص .
خاتمة :
هل أجتاح البرص نفسك وجسدك وروحك . أصرخ صرخة إيمان لصاحب القلب الحنان القادر أن يطهرك ويخلصك . أطلب قائلاً : تحنن علىَّ فأطهر … لقد رفضنى الجميع ، لكن أنت وحدك صاحب القلب المتحنن .. وصاحب الحضن المفتوح .. أشكرك وارتمى فى حضنك …
آية الحفظ
” يا سيد إن اردت تقدر أن تطهرنى ..
فمد يده ولمسه قائلاً : أريد فاطهر … ”
( لوقا 5 : 12 )
القس / مجدى خلة
فايبر وواتس اب
009647502720873