كيف أعرف أني مؤمنة؟
رسالة ( س. م):
{ أنا اسمي (س. م)، أنا اتربيت في بيت متدين، بس المشكلة إني مش عارفة نفسي مؤمنة ولا لأ علشان مش فاكرة ميعاد أو تاريخ لإيماني ولا ملاحظة تغيير في حياتي، وأحيانًا أقع في خطايا كتير. فهل ممكن أكون مؤمنة وأعمل الحاجات دي؟ أنا صليت كثير بس ما فيش فايدة وخايفة أروح جهنم }. أختكم (س. م).
***
اختي (س.م)، أهلاً وسهلاً بكِ وبرسالتك، وإسمحي لي أن أتطرق إلى رسالتك بشيء من التركيز والتفصيل لعلنا نصل بنعمة الرب إلى نصيحة ترشدك الطريق الصحيح.
شكرًا جزيلاً لعائلتك:
نعم أختنا (س.م)، فأنا أريد بكل صدق أن أوجه شكري لعائلتك التي كما ذكرتي في رسالتك (بيت متدين)، ربما تقصدين أن الأسرة لها ارتباط بالكنيسة والاجتماعات وحرصت أن تهيئ لك بيئة مسيحية. وهذا في حد ذاته شيء حسن, كما قال يشوع: «أما أنا وبيتي فنعبد الرب» (يش 24: 15)، وهذا يمكن أن يقود الأولاد للإيمان فيما بعد. لكن مع الأهمية لهذه البيئة المسيحية في الأسرة، إلا أن سوء استخدامها يقود إلى مرض خطير جدًا اسمه: ”التدين“ أو ”الإيمان الوراثي الخادع“.
التدين والإيمان الوراثي الخادع:
في هذه الحالة يظن الشخص أنه لكونه قد ولد في بيت مسيحي واعتمد بالماء وذهب إلى مدارس الأحد وحفظ وردد بعض الأجزاء الكتابية والترانيم فبهذا هو مؤمن مسيحي ولا ينقصه شيء.
ومع حرص الأسرة على الشكل الخارجي لأولادهم دون اهتمام بحالة القلب، فهذا يقود الأولاد فيما بعد عندما يكبرون ويكتشفون فساد قلوبهم أن يتمادوا في الاهتمام بالحفاظ على الشكل الخارجي للتقوى والتدين وكبت وإخفاء القبح الداخلي، وهذا ما دعاه المسيح (الرياء) في كلامه مع الكتبة والفريسيين المرائين الذين يشبهون القبور المبيضة من الخارج لكنها مملوءة بالنجاسة من الداخل، لكن كل هذا ليس إيمانًا يخلص.
أفكار خاطئة عن الإيمان
لقد كثر استخدام كلمة الإيمان حتى أُسيء فهمها واستخدامها، فأصبحت كلمة «مؤمن» تطلق على مجرد مَن يعترف بوجود الله، أو على مَن ينتظم في الذهاب إلى دور العبادة، أو على كل مَن يؤمن ويتمسك بعقيدة أو بفكرٍ معيَّن.
لكن الكثير مِمَّن يعترفون بوجود الله، يرتكبون الكثير من الآثام، لذلك فإيمانهم هذا لا يكون حقيقيًا، بل يكون إيمانًا اسميًا فقط. وإيمان مثل هذا لا قيمة له في نظر الله، حتى وإن كان ذووه يصومون ويُصلون ويتصدقون كثيرًا.
إذن ما هو الإيمان الذي يُخلِّص وكيف أحصل عليه؟
إيمان الخلاص هو الاستجابة لجهاد الروح القدس مع النفس لكي يقنعها بفسادها التام واحتياجها لشخص المسيح وعمله على الصليب. فيدين الشخص نفسه رافضًا خطاياه ويلقي بنفسه على شخص المسيح وعمله الكفَّاري كالطريق الوحيد للخلاص.
فالروح القدس يجاهد معي مُستخدمًا كلمة الله، ويجعلني أفتش قلبي فأراه «أَخْدَعُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ نَجِيسٌ» (إر17: 9)، وأفتش ذهني فأكتشف أنه «ذِهْن مَرْفُوض» (رو1: 28)، وأفتش ذاتي فأرى «أَنَّهُ لَيْسَ سَاكِنٌ فِيَّ … شَيْءٌ صَالِحٌ» (رو7: 18). وهنا يقودني الروح القدس للتوبة بمعناها الحقيقي وهو تغيير فكري بخصوص ذاتي فأدين نفسي وأفعالي، وأقبَل حكم الله عليَّ، فأؤمن أنني خاطئ لا أستحق سوى الهلاك (وهذه هي التوبة). وهي إدانة للنفس وما عليها من فساد، وأيضًا رفض وترك لطريق وحياة الشَّر «ليترك الشرير طريقه ورجل الإثم أفكاره وليتب إلى الرب فيرحمه وإلى إلهنا لأنه يكثر الغفران» (إش 55 : 7).
ومع وصولي للتوبة الحقيقية يغير الروح القدس فكري بخصوص الله أيضًا (وهذا هو الإيمان). فأرى في موت المسيح الوسيلة الوحيدة لخلاصي من خطاياي ومن حالتي الفاسدة، وأرى في دم المسيح الطريق الوحيد لتطهيري، وأرى الله كالآب المُحب الذي يقبل ابنه الضال بفرح عظيم وغفران كامل، ويحصل الشخص بهذا الإيمان على كل بركات الله العظمى مثل التبرير وغفران الخطايا والمصالحة والفداء والتبني والحياة الأبدية.
مظاهر ونتائج الحصول على إيمان الخلاص:
كما أن الكائن الحي تظهر عليه ملامح الحياة مثل الأكل والشرب والحركة والتنفس فيعلم الكل بحياته، كذلك الإيمان الحقيقي يعبر عن نفسه بمظاهر ملموسة محسوسة، وهذه المظاهر إن غابت من شخصٍ يدعى الإيمان سيكون إيمانه مجرد إيمان ميت ولا يعبر عن نوال الحياة الجديدة، ومن ضمن هذه المظاهر ما يلي:
• التغيير، نعم التغيير. إن التغيير في السلوك والعادات لمن أقوى الدلائل على حقيقية إيمان الشخص وولادته من الله. فالكتاب يقول: «إِذًا إِنْ كَانَ أَحَدٌ فِي الْمَسِيحِ فَهُوَ خَلِيقَةٌ جَدِيدَةٌ. الأَشْيَاءُ الْعَتِيقَةُ قَدْ مَضَتْ. هُوَذَا الْكُلُّ قَدْ صَارَ جَدِيدًا» (2كو5: 17). انظروا إلى زكا والسامرية وسجَّان فيلبي والمولود أعمى ومريم المجدليَّة، كيف كانوا وماذا أصبحوا. فالإيمان الحقيقي لا بد أن يغيِّر.
• الاشتياق الدائم لله ولمحضره ولكلمته. فالإيمان يربط النفس بالله كمَن هو مصدر الحياة فيصير القرب منه تعالى لذة، وتختبر النفس المَرَار في البعد عنه «”كَمَا يَشْتَاقُ الإِيَّلُ إِلَى جَدَاوِلِ الْمِيَاهِ، هكَذَا تَشْتَاقُ نَفْسِي إِلَيْكَ يَا اللهُ» (مز 42: 1) .
• الاشتياق إلى حياة القداسة وكراهية الشَّر. فالمؤمن الحقيقي أصبح منتميًا لله القدوس بنواله الحياة الجديدة وسكنى الروح القدس. لذلك تجده دائمًا يكره الشَّر ويحب جو القداسة، «كأولاد الطاعة لا تشاكلوا شهواتكم السابقة في جهالتكم، بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا أنتم أيضًا قديسين في كل سيرة، لأنه مكتوب: كونوا قديسين لأني أنا قدوس» (1بط 14:1-16).
• الشهادة للمسيح. فالإيمان الحقيقي ينشئ في النفس دوافع حارة لمشاركة الآخرين عن الرب وخلاصه، وفي سبيل هذه الشهادة لا يبالي المؤمن بما سيتكلفه من خسائر أو مخاطر، وهذا ما فعلته السامرية «هَلُمُّوا انْظُرُوا إِنْسَانًا قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَ لَعَلَّ هذَا هُوَ الْمَسِيحُ؟» (يو 4 : 29).
نصيحة ختامية
أختي (س.م) إن كان الإيمان الحقيقي يغير الحياة وحتمًا له دلائل واضحة ويصاحبه شهادة الروح القدس لأرواحنا أننا أولاد الله، وبما أنك لا تعرفين هل أنتِ مؤمنة أم لا، ولا يوجد تغيير في حياتك، فإني أنصحك أن تقتربي من الرب برفضٍ شديد لخطاياكِ، وترك كامل لتدينك الظاهري، وثقة كاملة في موت المسيح لأجلك، ورغبة شديدة في تبعية الرب تبعية جادة. ابدئي من جديد وضعي يدك في يده، وثقي أنه يرحب بكِ بل وينتظرك، فمن يقبل إليه لا يخرجه خارجًا (يو6: 37).
منقوله للامانه
القس / مجدى خلة
اتصل واعرف المزيد
فايبر وواتس اب
009647502720873