قال السيد المسيح : واما انا فقد أتيت لتكون لهم حياة وليكون لهم أفضل ….
بشارة يوحنا : 10 : 10
سلام الله يكون معك ، اتمنى لك كل خير وسلام ، اتمنى لك كل تقدم فى حياتك الروحية والجسدية
وسوف اكتب لك الكثير عن حياة يسوع المسيح .
هذا واحب ان اشاركك من كلمة الله وكذلك بصفحة من حياتى منذ عام 1983 وذلك بناءَ على الصداقة والاخوة التى بيننا فمنذ ذلك العام قد افتقدني الرب برحمته عندما كنت اعيش فى فراغ روحى كبير بل قاتل ان حسن التعبير، وكنت فى ذلك الوقت اوحاول ان ارضى الله عن طريق اعمالى وكنت اعمل اعمال حسنة – ولكن فى داخلي كانت تكمن الخطية التى كانت تنتصر فى حياتى من حين الى آخر ، الى ان وصل بى الامر ان انكر كل شىء حولى .
ولكن شكرا لله الواحد الذى لا شريك له عندما فقدت كل شىء ولم اجد معين من حولى ، واذا بى اركع امامه طالبا منه ان يرشدنى الى الحقيقه ، وهذا ما اود ان اشاركك به عن كيفية الوصول الى الحياة الافضل .
ما هى هذه الحياة الافضل ؟
هل نستطيع الحصول عليها بالايمان ام بالاعمال ؟
ماذا تعنى عبارة الحياة الافضل فى كلمة الله ؟
اكتب لك ما اختبرته في حياتى ، اخبرك عن ما وصلت اليه من دراسات وقراءات عن خلاصة سنين عديدة مضت مملؤه بالفرح والحزن ، بالغنى والفقر ، بالراحة والتعب من اعمال صالحة وسيئة ، واسمح لى ان اكتب لك من الكتاب المقدس .
يحث الكتاب المقدس المؤمنين على القيام بأعمال الصلاح والبر لأنها تتفق مع طبيعة الله الصالحة البارزة ، اذ يقول ” الرب الهنا بار فى كل اعماله ” (سفر دانيال 9 : 14 ) ولذلك فهو ” يحب البر “( مزمور 33 : 5 ). كما ان اعمالنا الصالحة تتفق مع قصده لحياتنا وتمجد الله . قال المسيح :” فليضىء نوركم هكذا قدام الناس لكى يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذى فى السموات “( متى 5 : 16 ) كما ان ترك البر واعماله والجري وراء الخطايا يحط من قيمة الانسان ويؤثر سلبًا على الأفراد والشعوب .
يقول سليمان :” البر يرفع شأن الأمة وعار الشعوب الخطية ” ( سفر الامثال 14 : 43 ). وسيحتمل الانسان نتائج توجهاته سواء كان ذلك فى طريق البر او الشر – ” بر البار عليه يكون وشر الشرير عليه يكون “( حزقيال 18 : 20 ).
لكن الكتاب المقدس يعلم بكل وضوح انه لا قيمة للاعمال الصالحة من جهة الخلاص . فهو يصف اعمال البر المتوهمة بأنها خرق بالية ويقول ” كثوب عدة كل اعمال برنا ” ( اشعياء 64 : 6 ).
ولهذا يقول الله صراحة :” ان بر البار لا ينجيه ” (سفر حزقيال 33 : 12 )- التوراة اى العهد القديم . كما قال السيد المسيح :” ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه “(بشارة متى 16 : 26 ). فالانسان مغلول اليدين بالخطية ولذلك لآيكن ان يتوقع منه الله ان يفعل شيئا” صالحا ” لنفسه او لله وكل ما يستطيع ان يفعله هو ان يطلب الى الله ان يحرره ويخلصه من قيوده .
# سبب ولادة الانسان بطبيعة تميل الى الخطيئة :
بناء على قانون الوراثة لا يمكن لكائن ان يلد آخر مغايرًا له، كما يقول علماء الأحياء وعلى رأسهم مندل. فالخنزير( مثلاً ) لا يمكن أن تلد حملاً ، والشوك لا يمكن أن ينتج عنبًا . وبما أن آدم الذى ولد منه البشر جميعًا كان قد فقد بعصيانه حياة الاستقامة التى خلقه الله عليها وأصبح خاطئًا قبل أن ينجب نسلاً إذا كان أمرًا بديها أن يولد أبناءه جميعًا خطاة بطبيعته نظيره،
لأننا مهما جلنا بأبصارنا فى الكون، لا نجد لسنة الله تبديلاً أو تحويلاً . ولذلك قال أوحى ( بإنسان واحد دخلت الخطيئة الى العالم ) رسالة رومية 5 : 12 – 21 وقد شهد داود النبي بهذه الحقيقة من قبل فقال عن نفسه ( هاأنذا بالآثم صورت وبالخطيئة حبلت بى آمي ) مزمور 51 : 5 .
وقد أدرك هذه الحقيقة كثير من الفلاسفة والعلماء ، فقال تكسلي وكانت : هناك أصل للشر فى الطبيعة البشرية ، مما يدل على أن قصة السقوط ( آي سقوط آدم فى الخطيئة ) صحيحة .
دعني اقدم لك مبدأ الخلاص عن طريق الأعمال الصالحة
هذا المبدأ مبنى على عدة تصورات ومفاهيم خاطئة منها :
1- يفترض هذا المبدأ ان الانسان صالح وحر فى القيام بالاعمال الصالحة وقادر على ذلك ،بينما هو فى واقع الآمر مقيد بالخطية مستعبد لها . فطبيعة الخطية تولد معه وتجعله يميل للشر ، وهذا ما عناه داود حين قال :” ها انا اذ بالآثم صورت وبالخطية حبلت بى آمي ” ( مزمور 51 : 5 ). فالانسان ليس صالحا حتى يستطيع ان يفعل الصلاح ويقول الكتاب المقدس: ” ليس بار ولا واحد ، ليس من يفهم ليس من يطلب الله ، الجميع أزاغوا وفسدوا معا”. ليس من يعمل صلاحا”، ليس ولا واحد “( رسالة رومية 3 : 10 ،11 ).
2- فما دام الانسان مولد بالخطية ألانه ورثها عن آدم اى بتعبير اسهل ( مسكونا”) بالخطية فأنها توجهه وتسوده ، وهو يعبر عن عبوديته لها بطاعته وخضوعه . وهذا ما قصد اليه السيد المسيح بقوله :” ان كل من يفعل الخطية هو عبد للخطية “( يوحنا 8 : 24 ). فالانسان ذو طبيعة خاطئة ، سواء عبر عنها بسلوك معين ام لا، لأن الخطية الساكنة موجودة ولابد ان تعبر عن نفسها بطريقة ما ، بطريقة منظورة او غير منظورة و مهما طال الزمن ، فالإناء ينضح بما فيه .
3- يفترض هذا المبدأ وجود قيمة عالية للعمل الصالح بحيث يستطيع ان يحقق هدفًا مزدوجًا ، دفع ثمن الخطايا التى نرتكبها فى حق الله لتعويضه عنها ، ودفع ثمن الحياة الابدية . لا يمكن مساواة الخطايا بالاعمال الصالحة ، ولا يعلم الكتاب المقدس ان لدى الله ميزانًا يضع فى إحدى كفتيه الأعمال الصالحة وفى الأخرى الخطايا اى السيئات . ان نظام الموازنة بين اعمال الانسان الصالحة وخطاياه غير معمول به على الأرض لأنه غير مقبول. فكيف يكون مقبولاً فى السماء ؟
4- لنفترض ان مواطنًا خالف نظام السير فقطع الإشارة الضوئية الحمراء. يبرئه القاضى من التهمة الموجهة اليه او تعتبرها ملغاة وليست ذات قيمة إذا احتج المواطن بأنه قام بأعمال صالحة ستكفى للتكفير عن جريمته ؟ وحتى لو افترضنا بأن هذا الشخص أعلن توبته واستعداده لعمل المزيد من الأعمال الصالحة ولمس القاضى صدقه بخلاصه، فهل سيؤثر هذا على قراره بالحكم عليه بسبب الجريمة التى اقترفها ؟ اعتقد ان الجواب المنطقي هو لا . لان الأعمال الصالحة لا تلغى العدل .
ولعل مرجع هذه الفكرة هو الى عدم أدراك القائلين بها لخطورة الخطية وأضرارها . فخطايانا عظيمة لأنها موجهة ضد الله العظيم ، وهى إهانة لله الذى لا يمكن استقصاء قدرته، ولهذا فان عقابها يكون عظيما بلا حد . ولهذا يقول الكتاب المقدس: ” لان أجرة الخطية هى موت “( رسالة رومية 6 : 23 )،
والموت يعنى هنا الانفصال الأبدي عن الله ورحمته واختبار عذاب لا نهاية له فى جهنم ، فاذ كان عقاب الخطية الواحدة لو صح لنا ان ننظر للخطايا كفعل فردى هو العذاب الأبدي فى جهنم ، فآي أمل او رجاء يوجد لمن يرتكب آلاف الخطايا ؟ ان محاولة الانسان تسديد ما عليه من ديون الخطايا عن طريق الأعمال الصالحة كالحرث فى الصحراء لان كمية الدّين المطلوب منه تزداد مع مرور الأيام .
وانه لمن الجدير بالذكر ان آدم لم يطرد من الفردوس لقلة الأعمال الصالحة التى عملها حتى نتمكن من تصور إمكانية رجوعه ورجوعنا معه أتليها عن طريق عمل المزيد منها . لقد ارتكب آدم خطية ” واحدة ” من حيث العدد عندما عصى وأخطاء الى الله القدوس ،ولكنها كانت كافية لطرده من حضرة الله .فلو كان الآمر متعلقا” بالاعمال الصالحة لأبقى الله آدم فى الفردوس وطلب اليه ان يعوض عن خطيته بالاعمال الصالحة ، ولكنه لم يفعل لأن آدم لم يقم بتصرف خارجي يمكن محو أثاره بتصرف آخر من قبله .
فالروح الذى نفخه الله فيه يوم خلقه قد انطفأ وانتقل اليه الموت الروحي فأصبح منفصلاً عن الله . وكان هذا ما حذره منه الله حين طلب اليه الا يأكل من شجرة معرفة الخير والشر قائلا: “لأنك يوم تأكل منها مونا تموت “(سفر التكوين 2 : 17 ). هكذا اصبح آدم فى حالة لا تحتملها قداسة الله فكان لابد من طرده ، ولا يمكن ان يعود إنسان الى حضرة الله الا عندما تعود اليه الحياة الروحية من جديد عندما يسكن الروح القدس داخله ويعطيه طبيعة جديدة لحظة الأيمان بالسيد المسيح .هذا ما حاول السيد المسيح ان يفهمه لإنسان اسمه ( نيقوديموس ) – هذا كان معلم للتوراة وفى ذلك الوقت يعتبر هذا المركز مرموق جدا” ذات نفوذ عالية .
جاء نيقوديموس الى يسوع قائلاً له :” يا معلم نعلم انك قد اتيت من الله لان ليس احد يقدر ان يعمل هذه المعجزات التى انت تعمل ان لم يكن الله معه ” فاجاب يسوع وقال :” الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من فوق لا يقدر ان يرى ملكوت الله” فقال له نيقوديموس:” كيف يمكن الانسان ان يولد وهو شيخ ؟ ألعله يقدر آن يدخل بطن امه ثانية ويولد؟ ”
اجاب يسوع:” الحق الحق اقول لك ان كان احد لا يولد من الماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله . المولود من الجسد جسد هو والمولود من الروح هو روح. تتعجب انى قلت لك ينبغي ان تولدوا من فوق “(بشارة يوحنا 3 :7 ) وهكذا نجد ان يسوع حدثه عن شروط الدخول الى ملكوت الله وضروة الولادة الثانية او الولادة من فوق او الولادة من الروح ( وايضا يعبر عنها بالانسان العتيق الى الانسان الجديد ).
وهذا هو ما يؤهل الانسان – دون اى شىء او عامل أخر – للمثول فى حضرة الله .ومن الجدير بالذكر ان الله لم يوافق على الطريقة التى حاول بها آدم وحواء علاج خطيتهما، فيقول الكتاب المقدس : “فانفتحت أعينهما وعلما انهما عريانان، فخاطا اوراق تين وصنعا لأنفسهما مآزر “( سفر التكوين 3 : 7 ) ويضيف:” وصنع الرب الاله لآدم وامراته أقمصة من جلد وألبسهما “( تكوين 3 : 21 ).
لم يكن ما صنعاه بنفسيهما كافيا” ، فتدخل الله وصنع اقمصة من جلد ، وهذا يشير الى ضرورة وجود حمل مذبوح ليكفر عن الخطية .
اما بالنسبة لدفع ثمن الحياة الابدية لله فالانسان مفلس غير قادر على شراء شىء ، وخاصة ان ما يريد شراءه هو حياته الابدية . وما الحياة الابدية الا يسوع المسيح نفسه – ” هذا هو الاله الحق والحياة الابدية” (رسالة يوحنا الاولى 5 : 20 ) لكن الحياة الابدية التى لا نملك شراءها بأي ثمن مقدمة لنا مجانا” بالايمان : ” لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكى لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية” ( يوحنا 3 : 16). إذا فالخطايا التى نرتكبها ضد الله القدوس اعظم من ان يكفر عنها اى عدد من الأعمال الصالحة، كما ان الحياة الابدية اثمن بكثير من ان ندفع فيها اى ثمن ، وان اى ادعاء عكس ذلك يظهر جهلاً فاضحًا بقداسة الله وطبيعة الخطية والحياة الابدية .
3- يفترض هذا المبدأ ايضًا حاجة الله لأعمالنا الصالحة من صلاة وصوم وما شابه ذلك ، والا لما كان هناك داع ان تكون لها اجرة ومكافأة . فهل يزداد الله فعلاً غنىّ بما نفعله ؟ لكن كما ان خطايانا لا تقل من قدر الله ولاهوته فان اعمالنا الصالحة لا تضيف اليه شيئًا . قال ايوب :” ان اخطأت فماذا فعلت به ؟ وان كثرت معاصيك فماذا عملت له ؟ ان كنت بارا فماذا اعطيته او ماذا يأخذه منك ؟ “( ايوب 35 : 6 )- كما قال الله لمن يعتقدون بانهم يتفضلون عليه بصيامهم :” لما صمتم ونحتم … فهل صمتم صومًا لي انا ؟ ولما أكلتم ولما شربتم ، افما كنتم انتم الآكلين وانتم الشاربين ؟ “( زكريا 7 : 5، 6 ) وان كنا نظن بأننا فعلاً نضيف الى الله شيئا” بأعمالنا ، فأنها تصبح خطايا تحتاج الى غفران . وهل يعطي من لا يملك لمن ملك ، ومن يحتاج لمن لا يحتاج ؟
5- يعطي هذا المبدأ ايضًا صورة مشوهة عن الله الذى أظهره لنا المسيح أبـًا سماويـًا محبًا، اذ يعتبره الها يتجاهل قداسته ومطالبها ومستعد ان يتخلى عنها مقابل بعض الأعمال الصالحة . وهو يسمح بالاكثار من الخطايا ما دام هنالك المزيد من الأعمال الصالحة التى يمكن ان توازنها .وهذا يلغي كل دور لله فى الخلاص .
6- فلا يوجد هنالك محبة او فضل او نعمة او رحمة ، لأن الانسان لن يعود يحتاجها ما دام يحصل على ما يريد بقوته وجهوده الشخصية . وهذا يفتح المجال واسعًا امام الانسان للافتخار ، ليس على اخيه الانسان فقط وانما على الله ايضا”. فهو ينظر الى أعمال أخيه التى لا تجاري اعماله فيحس بثقة زائدة فى نفسه وينظر الى نفسه على انه متفضل على الله باعماله الصالحة التى اوصلته الى النعيم ، فينزع كل مجد من الله ويعطيه لنفسه . يقول الله: “مجدي لا اعطيه لآخر “( اشعياء 42 : 8 )- فحين لا ييرىء الانسان الا اعماله وافضاله واياديه البيضاء على الله ورحمته وفضله فأنه سيقضي بقية عمره على الأرض والابدية فى السماء يسبح بحمد نفسه ويتغنى بمنجزاته بدلا من الترنم بجمال الله وكماله ونعمته ورحمته، لأنه لم ير هذه الصفات تعمل فى حياته .
إذا كانت صورة الانسان عن الله مشوهة فلابد ان تنعكس هذه الصورة على تفكيره فى كيفية الوصول اليه ولا بد ان تكون هذه الكيفية خاطئة بالضرورة . فاذا نظر الى الله كسيد جبار متسلط على عبيده فانه سيقوم بالاعمال المطلوبة اليه بلا محبة ولا أية عواطف ، وسيكون الخوف والاحساس بالواجب دافع كل فعل ، لأنه لا توجد اية علاقة شخصية حميمة بينهما . قال السيد المسيح : ” لا أعود اسميكم عبيدًا … لكنى قد سميتكم أحباء” ( يوحنا 15: 15 ). فحتى يكون العمل الصالح مقبولا ، يجب ان يكون خالصا له دون ان تكون له غايات ودوافع أخرى . فهناك من يجاهر بأعماله طلبًا لا عجاب الناس وتقديرهم ، فذا كان يريد مجدًا من الناس فقد يحصل عليه ولكن عليه ان يعرف انه لا علاقة لله بعمله.
قال المسيح :” فمتى صنعت صدقة فلا تصوت بالبوق كما يفعل المراؤون فى المجامع وفى الأزقة لكى يمجدوا من الناس . الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرف شمالك ما تصنع يمينك “( بشارة متى 6 :2) ولعل أفضل مقياس للعمل الصالح هو ان الا تحس بأنك حققت شيئًا حين صنعته. قال المسيح :” متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا اننا عبيد بطالون ، لأننا انما عملنا ما كان يجب علينا “( بشارة لوقا 17 : 10) . فالمؤمن الذى يحب سيده لا يسجل نقاطًا جديدة عليه بعد كل عمل يقوم به ، ولكنه يظل يحس بأنه مديون له ومحصور بمحبته ويسعى لمزيد من التعبير عن هذه المحبة فالايمان ينتج الأعمال الصالحة لكن الأعمال الصالحة لا تنتج ايمانا” .
كما ان هناك من يقوم بأعمال صالحة للتخفيف من عقدة الذنب التى تسيطر عليه فهو يريد اسكات تانيب ضميره له على خطاياه بالاعمال الصالحة . لا يمكن ان يكون للأعمال الصالحة أية قيمة أبدية لأنها محدودة . فهى محدودة بطبيعة الشخص الخاطىء الذى يقوم بها ، كما انها محدودة من حيث مدتها ونطاقها واثارها ، فهى سريعة الزوال . وهى تختلف فى ذلك عن ” البر الأبدي ” الذى هو المسيح كما جاء فى سفر دانيال 9 : 4 وايضًا يقول الكتاب المقدس ” الرب برنا ” (ارميا 23 : 6 ). كما ان الأعمال الصالحة نسبية تختلف باختلاف الناس وثقافتهم وحضارتهم ومعتقداتهم . فما تعتقده عملا صالحـًا يمكن ان يكون اثمًا عظيمًا لدى شخص آخر .
فالمؤمن مثلا يعتقد بأن أفضل شىء يمكن أن يقدمه لشخص هو أن يخبره عن المسيح وخلاصه بينما قد يعتقد هذا الشخص بأن قتل المؤمن عمل صالح ومرضى لدى الله ! قال المسيح : ” تاتى ساعة فيها يظن كل من يقتلكم أنه يقدم خدمة لله “( بشارة يوحنا 16 : 2 ) وتختلف امكانات الناس على القيام بالاعمال صالحة باختلاف الوضع المالى لكل منهم واختلاف العمر والفرص المتاحة ، فللغني قدرة اكبر على القيام بأعمال الخير من الفقير ، وللشباب فترة زمنية اطول للقيام بها من العجوز ،وللانسان الذى يعيش بين الناس فرص اكبر من ذلك الذى يعيش ، لظروف خاصة به ، وحده . وليس فى هذا عدل ، ولا فيه آي ضمان . فهل تفيد الأعمال الصالحة عجوزًا عاش حياته كلها فى الشر وقرر ان يلجأ للاعمال الصالحة قبيل وفاته بمدة قصيرة ؟
ومهما قام الانسان بأعمال صالحة فسيظل هناك شك يحوم حولها ، لأنه كان بامكانه قطعًا ان يقوم بالمزيد منها او ان يقوم بها بطريقة أفضل . فلماذا لم يفعل ذلك ؟ والنتيجة المنطقية هى انه لو كان الخلاص متوقفًا على اعمال الانسان الصالحة ، لكان له الحق كل الحق فى الشك فى الحصول عليه . اما إذا كان أساس الخلاص هو عمل الله ، فانه لا يمكن ان يتطرق شك اليه . فالمسيح هو الوحيد الذى ” يقدر ان يخلص ايضًا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله ” ( عبرانيين 7 : 25 – العهد الجديد ) . ان مبدأ الأيمان بالخلاص عن طريق الأعمال الصالحة ليس فى مصلحة الانسان بل هو ضده ، لاننا لا نستطيع القيام بكل اعمال الناموس ( اى وصاياى الله ) التى يطالب الله بها ، فكل من يريد ان يعيش تحت الناموس يجب عليه اطاعته كله اذ يقول الكتاب المقدس :” لأن من حفظ كل الناموس وانما عثر فى واحدة فقد صار مجرما فى الكل ” ( يعقوب 2 : 10 ) وهذا يعني صراحة ان كل من يكسر إحدى وصايا الله يستحق غضب الله ودينونته العادلة – ” لأن جميع الذين هم من أعمال الناموس هم تحت لعنة ألانه مكتوب ملعون كل من لا يثبت فى جميع ما هو مكتوب فى كتاب الناموس ليعمل به ، ولكن ان ليس احد يتبرر بالناموس عند الله فظاهر لان البار بالايمان يحيا ” ( رسالة غلاطية 3 : 10 – 11 – العهد الجديد)
لقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك “ان الجميع اخطأوا واعوزهم مجد الله “( رسالة رومية 3 : 23 ). فاذا كان الانسان مصرًا على الحصول على مكافأة او اجر فسيحصل على أجرة كسره للناموس – اى الخطية .
( الناموس هو وصايا الرب التى اعطاها لموسى النبي لكى يعطيها للشعب فى القديم لكى يسلك فيها )
ويقول الكتاب المقدس ” أجرة الخطية هى موت ” ( رسالة رومية 6 : 23 ) . ان من يطلب الاجرة اذًا إنما يطلب دينونة الله وعدله وحكمه وعقابه على خطاياه . ويجدر به ان يطلب بدلا من ذلك الرحمة ، لان فيها مصلحتنا وفى العدل هلاكنا . لقد كانت الغاية من اعطائنا الناموس اظهار مدى قداسة الله ورفعة مستوى مقاييسه وحاجتنا للمسيح – لأن ” غاية الناموس هى المسيح للبر ” (رسالة رومية 10 : 4 )
لقد كان الناموس- وصايا الله- قيدًا حررنا منه المسيح بموته على الصليب ، لاننا لا نطيقه ولا نقدر عليه. “اذ محا الصك الذى علينا فى الفرائض الذى كان ضدًا لنا وقد رفعه من الوسط مسمرًا اياه بالصليب” (كولوسى 2: 14 – العهد الجديد ) . أما الذين يصرون على مبدأ الخلاص بالاعمال ، فاننا ننصحهم بان يواجهوا انفسهم ويفحصوها ويحاولوا ان يعددوا هذه الأعمال ويضعوها تحت المجهر لكى يروا ان كانت تستحق فعلاً ان تسمى ” اعمالا صالحة ” او ان كانت تؤهلهم للخلاص . يعلم الكتاب المقدس ان الخلاص بالنعمة بالايمان . يقول الكتاب المقدس:” ظهر بر الله بدون الناموس مشهودا له من الناموس “( رومية 3 : 12 ). ويقول ايضا :” لانكم بالنعمة مخلصون بالايمان ، وذلك ليس منكم . هو عطية الله . ليس من اعمال كيلا يفتخر أحد ” ( رسالة افسس 2 : 8 ، 9 ) . ان الخلاص الذى يقدمه الينا المسيح مجاني لاننا لم ندفع شيئا” مقابله ، ولكنه ثمين جدا” ألانه دفع فيه حياته “متبررين مجانا بنعمته بالفداء الذى بيسوع المسيح ” (رسالة رومية 3 : 24) . ما اغلاها من هدية ! وما اغربها ! لأن كل من يرفضها يعاقب بالهلاك الأبدي ولأن :” الذى يؤمن به لا يدان والذى لا يؤمن قد دين ألانه لم يؤمن باسم ابن الله الوحيد ” (يوحنا 3 : 18 ). ويقول الكتاب المقدس:” فكم عقابا اشر تظنون انه يحسب مستحقا من داس ابن الله وازدرى بروح النعمة “( رسالة العبرانيين 10 : 29) .
كما يعلم الكتاب المقدس ان الله ، فى سيادته المطلقة وحكمته اللامحدودة ، اختارنا فى المسيح قبل تأسيس العالم . يقول الكتاب المقدس :” اختارنا فيه قبل تأسيس العالم “( افسس 1 : 4) . ومن الواضح اننا لم نكن قد خلقنا بعد ، ولم يكن بإمكاننا بالتالي القيام بأية اعمال سواء كانت صالحة او طالحة حينئذ لا يقبل الله اعمال إنسان الا بعد ان يقبل الانسان نفسه . ولقد علم المسيح بان اول عمل صالح يقبله الله من الانسان هو الأيمان بابنه . لذا سؤل يسوع :” ماذا نفعل حتى نعمل اعمال الله ؟ ” فأجاب يسوع وقال لهم :” هذا هو عمل الله ان تؤمنوا بالذى ارسله ” ( بشارة يوحنا 6 : 28 ،29 ). ذلك لان الأيمان بالمسيح يتضمن تطهيرًا لخطايا المؤمن وسكنى الروح القدس فيه وولادة روحية جديدة :” إذا ان كان احد فى المسيح فهو خليقة جديدة . الاشياء العتيقة قد مضت . هوذا الكل قد صار جديدا ”
( رسالة كورنثوس الثانية 5 : 17 ).
وبالنتيجة إذا قبل الانسان عمل المسيح فان اعماله تكون مقبولة كذلك ، فذا رفض فان اعماله ترفض كذلك. تخيل مباراة حامية فى كرة القدم فيتحمس احد المتفرجين ويدخل الملعب ويأخذ الكرة ويسجل هدفًا . ماذا سيكون موقف الحكم واللاعبين والمتفرجين الآخرين منه ؟ ماذا سيفعل رجال الامن الذين يراقبون المباراة ؟ هل تعتقد ان الحكم سيحتسب الهدف الذى سجله هذا المتفرج الدخيل الذى ليست له صفة اللاعب ؟
حين نأتى الى الله ، فاننا نأتى اليه كما نحن ، بكل فسادنا وشرنا . نأتى كما اتى الابن الضال الذى لم يكن يملك شيئا” الا الملابس القذرة التى تغطي جسده والروائح النتنة التى تفوح منه . ولكن محبة أبيه ونعمته ورحمته هى التى جذبته
وانتظرته واحتملته واستقبلته ونظفته وجملته ورفعت قدره . ولم يطلب اليه ابوه ان يقوم بأى عمل صالح ولم يستقبله اصلا على هذا الاساس . ولكن بكل الحب فتح يديه لكي يستقبله قائلا :” ينبغى ان نفرح ونسر لان اخاك هذا كان ميتا فعاش وكان ضالا فوجد “( لوقا 15 : 11 – 33 )
يروي لنا الكتاب المقدس في سفر اعمال الرسل الاصحاح العاشر قصة كرنيليوس – وهو قائد فى الجيش الايطالى فى ذلك الوقت – ” رجل تقى وخائف الله مع جميع بيته يصنع حسنات كثيرة للشعب ويصلى الى الله فى كل حين ، وكان مشهودا له من كل الامة انه رجل بار وخائف الله ” ..ثم يؤكد الملاك لكرنيليوس في رؤيا بأن صلواته وصدقاته صعدت تذكارا امام الله ، ولكنه سأله ان يرسل في طلب بطرس ، وهو احد تلاميذ المسيح ، ليكلمه عن الأيمان بيسوع ويقول:”انه سوف يكلمك كلامـًا به تخلص انت واهل بيتك”( اعمال الرسل 14:11 ). هذه الحادثة برهان صريح على ان التدين والبر الذاتى والعمل الصالح لا يمكن ان يكونا بديلين للولادة الجديدة التى تاتى عن طريق الأيمان بيسوع . فالله تهمه الطبييعة الجديدة اكثر بكثير مما تهمه الاخلاق الفردية . لكن مشكلة الانسان تكمن فى انه يثق فى ما يفعله هو ، لا فى ما يفعله غيره ولو كان الله .
تعلمنا هاتان القصتان بانه لا يوجد إنسان مهما بلغ من الشر تعجز نعمة الله تخليصه ولا يوجد إنسان مهما بلغ من البر والتقوى والتدين لا يحتاج الى خلاص المسيح .ان الأعمال الصالحة المقبولة ، فى نظر الله ، هى تلك التى تكون ثمرة لايماننا به ومحبتنا له – اى الأيمان بالمسيح بانه المخلص الوحيد الذى آتى وصلب وكفر عن خطايانا – فاذا كان ايماننا حيا” قويا” فلابد ان يعبر عن نفسه من خلال الأعمال الصالحة التلقائية التى تعبر عن الشكر والامتنان لله . وهذا ما يقوله الكتاب المقدس فى رسالة يعقوب الاصحاح الثانى :”هكذا الأيمان ايضا ان لم يكن له اعمال ميت فى ذاته “.علينا ان ندرك ان الأعمال الصالحة لها قيمة عند الله بعد الأيمان اذ لا يعقل ان نتصور شخصًا مؤمنًا يرفض القيام بأعمال صالحة بحجة انها غير ضرورية للخلاص ، لان ذلك يبرهن ان علاقته مع كل من الله واخيه الانسان ليست سليمة.
يريدنا الله ان نقوم بالاعمال الصالحة ، ولكننا لسنا أحرارًا فى اختيار ما نريد القيام به منها ، لقد اعد الله للانسان سلفا الأعمال الصالحة التى يريده القيام بها . تقول كلمة الله فى رسالة افسس الاصحاح الثانى ( العهد الجديد ) : ” لانكم بالنعمة مخلصون بالايمان وذلك ليس منكم . هو عطية الله . ليس من اعمال كيلا يفتحر احد ، لاننا نحن عمله مخلوقين فى المسيح يسوع لاعمال صالحة قد سبق الله فاعدها لكى نسلك فيها “.
لقد كان مبدأ التبرير بالايمان هو المبدأ الذى عمل به الله حتى مع أبينا ابراهيم اعظم الانبياء . التبرير هو فعل نعمة الله المجانية الذى به يغفر الله خطايانا جميعـًا ويقبلنا كأبرار قدامه ، وذلك لأجل بر المسيح الذى يحسب لنا الذى نقبله بواسطة الأيمان فقط – حيث يقول الكتاب المقدس في رسالة رومية الاصحاح الخامس :” فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح ، الذى به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التى نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله ” وهكذا ” فآمن ابراهيم بالله فحسب له برا “(رومية4 :3) فاذا كان ابراهيم وهو ابو المؤمنين لم يتبرر باعماله الصالحة ، فما فرصتنا نحن فى ذلك ؟
ومنذ قبل الفى سنة تقريبـًا كان الانسان يقدم ذبائح حيوانية كاملة بلا عيب اى بلا جروح ….، وبعض الأعمال الصالحة لكى يكفر عن خطاياه ويرضى الله ولكن مع كل ذلك لم يكن هذا طريق الخلاص اى طريق الحياة الافضل او طريق الحياة الابدية وغير كاف لحصول الانسان على طبيعة جديدة طاهرة مقدسة تؤهله ان يحيا مع الله – القدوس ، البار ، الطاهر ، العظيم… – على الأرض وبعد الموت فى الآخرة .
لذلك نستطيع ان نقول ( اعتراف بالخطأ ( اى التوبة ) + ايمان بالمسيح = الخلاص + غفران الذنوب + ضمان للحياة الابدية ) هذا ويجب على ان اوضح خصوصا فى الطرف الثانى اى غفران الذنوب فعندما نقول ان الله يحب جميع الناس حتى الخطاة – ( ولكنه لا يحب الخطية نفسها ) يحب الانسان الذى خلقة وليس الخطية التى يرتكبها الانسان فماذ يقول الكتاب المقدس بصدد هذا الموضوع ان الذين أمنوا بالمسيح واعترفوا بخطاياهم ماذا يجب عليهم ان يفعلوا – اولا هم حصلوا على الخلاص المجانى المقدم من الله بواسطة المسيح وايضـًا غفران لخطاياهم الماضية والحاضرة ولكن لابد وان نفهم شىء هام ان غفران خطايانا الحاضرة ليس معناه ان نعيش فى الخطية – حيث يوجد كثرا من المسيحين المتدين بالاسم ولكن لاينتمون الى المسيحية الحقيقية بصلة فنجد من يسكر، ويزنى ويكذب ويسرق … الخ كل هؤلاء بالاسم فقط . فهذه ليست المسيحية ، المسيحية هى قداسة وطهارة وعفة وايمان بالله الواحد المسيحية هى سلام محبه فرح ……
اتركم فى رعاية الله ، الرب يكون معكم ويحفظكم ، ويملاء حياتكم بالفرح والسلام ، ويسدد كل احتياج اصلى من اجل بلادكم و اصلى من اجل الحكام والموظفين وكل العاملين الرب يعطيكم ان تعيشوا دائمـًا فى سلام .
وسلام الله الذى يفوق كل عقل يحفظ قلبك وحياتك من الان والى الابد .
تقبل تحياتى
اخيك / باولو
https://radiovoh.com/
https://www.facebook.com/LoveVoiceofhoperadio/
+357 95 967002