Home / لما يعجز البشر / لا تقارن بين إمكانياتك وتحدياتك

لا تقارن بين إمكانياتك وتحدياتك

images-1.jpeg

دروس من معجزة خروج بطرس من السجن

وفي ذلك الوقت مد هيرودس الملك يديه ليسيئ إلى أناس من الكنيسة، فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف. وإذ رأى أن ذلك يرضي اليهود، عاد فقبض على بطرس أيضاً،… وأما الكنيسة فكانت تصير منها صلاة بلجاجة إلى الله من أجله.
(أع12: 1- 5).
يحكي الفصل الثاني عشر من سفر أعمال الرسل عن موجة الاضطهاد العنيفة التي شنها هيرودس إغيريباس الأول ضد الكنيسة وقياداتها، فقام بأسلوب إرهابي ووحشي فقتل يعقوب أخا يوحنا بالسيف ثم قام بإلقاء القبض على بطرس تمهيداً لمحاكمته بعد الانتهاء من عيد الفصح، كل هذا دون جريمة معينة، وإنما فقط لإرضاء اليهود، ولكن الكنيسة كما يسطر عنها الوحي كانت تصلي بلجاجة من أجله وحدثت المعجزة، وأنقذ الرب بطرس من السجن، وفي هذه المعجزة العديد من الدروس الجميلة والمفيدة لحياتنا الروحية أذكر منها الآتي:

أولاً: لا تقارن بين إمكانياتك وتحدياتك:
ففي هذه المعجزة لا مقارنة بين هيرودس وجبروته وصولجانه وبين الكنيسة وقد كانت عبارة عن مجموعة صغيرة وفقيرة في بداية عهدها.
نعم! لا مقارنة بين الصورتين، فأيهما أقوى هيرودس بقراراته وقواته، أم الكنيسة بصلاتها واتكالها على الرب؟ لو أننا لا نعرف القصة ونهايتها لربما قال البعض بلا شك هيرودس هو الأقوى، الذي بيده يأمر فيكون، ويقرر فيصير، لكن كم نشكر الله فلقد كانت النصرة للكنيسة بإيمانها وصلاتها «لأن فوق العالي عالياً يلاحظ، والأعلى فوقهما». (جا5: 8).

ثانياً: ما أعظم سلام الله:
كان بطرس يعرف أن هيرودس قد قرر أن يقدمه للموت بعد الفصح ليُرضي اليهود، لكن العجيب أننا نقرأ: «ولما أمسكه وضعه في السجن، مسلماً إياه إلى أربعة أرابع من العسكر ليحرسوه… كان بطرس في تلك الليلة نائماً بين عسكريين مربوطاً بسلسلتين، وكان قدام الباب حراس يحرسون السجن” (أع12: 4- 6). ومعنى “كان محروساً بأربعة أرابع من الجند” أي ستة عشر جندياً، فكانت حراسة مشددة بمعنى الكلمة.
والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف جاء لبطرس أن ينام نوماً عميقاً هادئاً وهو في السجن وينتظر حكم الإعدام؟! هل هذا يفسر ما قاله سليمان: «لكنه يعطي حبيبه نوماً» (مز127: 2).
في اعتقادي أن بطرس لم يكن يخشى الموت، ولم يتزعزع من قرار هيرودس، فربما كانت تلمع أمامه كلمات الرب يسوع : «لا تخافوا من الذين يقتلون الجسد ولكن النفس لا يقدرون أن يقتلوها» (مت10: 28) والأمر الثاني لعل بطرس تذكر وعد الرب عندما قال له: « الحق الحق أقول لك: لما كنت أكثر حداثة كنت تمنطق ذاتك وتمشي حيث تشاء. ولكن متى شخت فإنك تمد يديك وآخر يمنطقك، ويحملك حيث لا تشاء. قال هذا مشيراً إلى أية ميتة كان مزمعاً أن يمجد الله بها». (يو21: 18، 19). ولهذا كان بطرس واثقاً في الوعد بأنه لن يموت في سن صغيرة، ولهذا نام ملء جفنيه دون اكتراث بقرار هيرودس ووعيده. نعم! هذا هو سلام الله الذي يفوق كل عقل الذي يحفظ قلوبنا وأفكارنا مهما كانت المخاوف والمخاطر.

ثالثاً: وراء آلامنا محبة إلهنا:
في أعمال 12: 7 مكتوب: «وإذا ملاك الرب أقبل، ونور أضاء في البيت، فضرب جنب بطرس وأيقظه قائلاً: «قم عاجلاً!». فسقطت السلسلتان من يديه». لعل بطرس حين ضربه الملاك في جنبه تساءل في حيرة قائلاً: من الذي ضربني؟ ولماذا؟ ألا يكفي وجودي في السجن؟! ما أكثر المرات التي فيها نعاتب الله حين نجتاز أزمة معينة ولا ندري الحكمة من ورائها، ونسأل الرب لماذا تسمح لنا يارب بالألم والضيق؟! لكننا نكتشف وندرك في وقته، أن يد الله عندما تضربنا لا لتشقينا بل لتشفينا، حتى لو تألمنا من الضربة علينا أن نثق ثقة كاملة أن وراءها قلب أب سماوي محب، ويريد أن ينجينا.

رابعاً: ملائكة الله في حراسة أبناء الله:
لقد أرسل الرب ملاكه لبطرس ففك قيوده وقاده إلى الخروج خارج أبواب السجن. إن المعجزة تؤكد لنا كيف أن الله يرسل ملائكته لحراسة وحفظ شعبه.
فهذا ما حدث مع يعقوب أبو الأسباط وهو هارب في الصحراء، فقد لاقاه ملائكة الله فقال لما رآهم: «هذا جيش الله!». (تك32: 2) وهذا ما شهد به نبوخذ نصر عندما أنقذ الرب الفتية الثلاثة من أتون النار فقال (دا3: 28). وهذا ما هتف به دانيال عندما أنقذه الرب من جب الأسود (دا6: 22).
نعم! الرب يحفظك من كل شر، يحفظ نفسك، الرب يحفظ خروجك ودخولك.

خامساً: الصلاة تفتح الأبواب المغلقة:
بدأ بطرس في الخروج من السجن « فجازا المحرس الأول والثاني، وأتيا إلى باب الحديد الذي يؤدي إلى المدينة، فانفتح لهما من ذاته» (أع12: 10) والتعبير انفتح من ذاته بلغة عصرنا [أتوماتيكياً] بالضبط كالأبواب الحديثة المصممة بتكنولوجياً اليوم، بمجرد أن تقترب منها، تنفتح من ذاتها. في يقيني أن باب السجن الحديدي لم ينفتح من ذاته، وإنما يد الله مع أيادي الكنيسة المصلية هي التي فتحت باب سجن بطرس.
قد يكون الباب الحديد بالنسبة لنا مشكلة نمر بها ليس لها حل، أو احتياجاً شديداً ونتخيل أنه ليس هناك من يستطيع أن يغطيه، أو مرضاً شديداً بغير دواء أو شفاء، وقد يكون الباب الحديد عبارة عن خطية نشعر بالهزيمة أمامها، ولا نستطيع الانتصار عليها، أو ماضياً أثيماً يزعج الحاضر ويهدد المستقبل ويملأ حياتنا بالخوف والتهديد، وقد يكون الباب الحديد بمثابة تجربة أليمة ومحزنة وليس من سلام أو تعزية.
نعم! مهما كان الباب المغلق أمامك، إن إله بطرس لا يزال يفتح أبواباً لا أحد غيره يستطيع أن يفتحها.
سادساً: علينا أن نلتمس الأعذار لغيرنا:
بعد خروج بطرس من السجن اتجه مباشرة إلى بيت مريم أم يوحنا الملقب مرقس حيث كانوا يصلون، ولما قرع الباب سمعته جارية اسمها رودا ومن الفرح لم تفتح الباب وركضت لتخبرهم فقالوا لها أنت تهذين (أع12: 12- 15).
أغلب الظن أن بطرس ظل يقرع على الباب لمدة طويلة ولم يفتحوا له، وكان يمكنه أن يتحول ويتركهم، لكنه ظل واقفاً أمام الباب يقرع (أع12: 16). فلعله فهم نفسية الذين كانوا بالداخل، وشعر بمخاوفهم، والتمس لهم العذر لتأخيرهم في فتح الباب له، فلقد اجتاز في نفس الاختبار، فعندما جاءه الملاك لكي ينقذه من السجن يقول الوحي المقدس كان بطرس يظن أنه ينظر رؤيا. (أع12: 9) وهذا ما حدث مع الكنيسة. والسؤال: ألم تكن الكنيسة تصلي والرب استجاب؟! فلماذا لم يصدقوا؟! هل كانت صلاتهم مجرد كلام دون ثقة وإيمان؟! ألم يتوقعوا استجابة لصلاتهم؟! وإذا كان الأمر كذلك فلماذا كانوا يصلون؟!
نعم! دعونا نعترف أنه في مرات كثيرة هي خطيتنا جميعنا، نصلي ولا نتوقع أن الله سيستجيب . نعم! من هذه المعجزة نتعلم أنه قبل أن نحكم على الآخرين علينا أن نلتمس الأعذار.
سابعاً: ويل لمن يسيئ إلى الكنيسة:
في بداية المعجزة نرى هيرودس يحاول الإساءة للكنيسة (أع12: 1). لكن علينا أن لا نستعجل النتائج، علينا أن ننتظر الرب ونصبر له. ففي ختام المعجزة نجد نهاية مأساوية لهيرودس إذ يسجل الوحي أن الدود أكله ومات (أع12: 21، 22).
ياه! نحن نعرف أن الإنسان يموت فيأكله الدود، لكن هيرودس أكله الدود وهو حي فمات.
نعم! منذ فجر التاريخ، وعلى مر الأجيال والعصور، وإلى أن يأتي الرب ثانية، لن ينجح ولن يربح من يقف ضد الكنيسة ويسيئ إليها.
نعم! كم هي جميلة ومعزية معاملات الرب معنا في مسيرنا معه في هذه الحياة.
القس / مجدى خلة.
فايبر وواتس اب
00201157683231

Comments

comments

Check Also

دوافع الخدمة اية؟؟؟

تحديد سبب ودافع الخدمة التي أقوم بها أمر هام جدًا. كذلك معرفة المواهب الموجودة عندي …

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

 
Chat  
RadioVOH FB page Chat Online
+

Themes by themesfreedownloader.com

Themes55